.................................................................................................
______________________________________________________
إلى مادّة الاستيطان لا هيئته ، وأنّ نفس الوطن عبارة في نظر الشرع عن الإقامة ستّة أشهر في منزله المملوك ، غايته بشرط أن تكون عن قصده ونيّته بمقتضى وضع الهيئة ، وأمّا قصد التأبيد فليس في الصحيحة ما يدلّ عليه.
نعم ، لو كان التفسير راجعاً إلى الهيئة من غير نظر إلى المادة صحّ ما ذكر باعتبار إشراب التأبيد في مفهوم الوطن بمقتضى الفهم العرفي ، لكنّك عرفت أنّ هيئة الاستفعال واضحة المفاد لا إجمال فيها كي تحتاج إلى التفسير والسؤال وإنّما الإجمال كلّه في نفس المادة بالتقريب الذي تقدّم. فالتفسير راجع إليها خاصّة ، ولازمه كما عرفت كفاية الإقامة الخارجية ستّة أشهر عن قصد ونيّة من غير حاجة إلى قصد التأبيد والتوطّن الدائم.
ثانيهما : أنّ التحديد بستّة أشهر الوارد في الصحيح ظاهر في الاتصال كما هو الحال في سائر التحديدات الشرعية ، كالتحديد بعشرة في قصد الإقامة ، وبالثلاثة في أقل الحيض وفي صوم الحج ، وبثلاثين يوماً متردِّداً ونحو ذلك ، فانّ كلّها ظاهر بمقتضى الفهم العرفي في اعتبار الاتصال والاستمرار ، فلا يكفي مع التقطيع والتلفيق في الحكم بالإتمام في المقام ، ولا أقل من الشكّ في ذلك والإجمال في اعتبار الاتصال.
وبما أنّ الحكم المزبور على خلاف القاعدة الأوّلية الدالّة على لزوم التقصير على كلّ مسافر فلا بدّ من الاقتصار في التخصيص على المقدار المتيقّن ، وهو المشتمل على الاتصال كما هو ظاهر.
نعم ، الأسفار الجزئية غير المنافية للإقامة العرفية لا بأس بها كمن يقيم في النجف الأشرف وفي كلّ شهر يزور الحسين (عليه السلام) يوماً مثلاً ، فانّ المدار في الإقامة في المنزل المذكورة في النص التي ينافيها السفر بما هو المتعارف الخارجي ، وسيجيء إن شاء الله تعالى (١) في قصد الإقامة أنّه لا ينافيه الخروج
__________________
(١) في ص ٢٧٢.