.................................................................................................
______________________________________________________
أُقصّر؟ قال : وكم هي؟ قلت : هي التي رأيت ، قال : قصّر» (١).
فإنّهما وردتا في موضوع واحد وهي القادسيّة وما ضاهاها. ومقتضى الإطلاق فيهما عدم الفرق بين ما لو قصد الرجوع ليومه أو لا ، قصد الإقامة عشرة أيام أو لا ، كانت الضيعة أو القادسية وطناً له ولو شرعاً أو لا ، فهما متعارضتان بالإطلاق في مورد واحد.
ولا ينبغي الريب في أنّ مريد الرجوع ليومه خارج عن إطلاق الرواية الأُولى بمقتضى نصوص المسافة التلفيقية الدالّة على لزوم التقصير في بريد ذاهباً وبريد جائياً ، فإنّه القدر المتيقّن منها ، ومقتضى الإطلاق فيها عدم الفرق بين مريد الرجوع ليومه أو لغير يومه كما ذكرناه ، إذ لا موجب للتخصيص بالأوّل.
وعليه فتكون هذه النصوص شاهدة للجمع بين الروايتين ، فتحمل الموثّقة على ما لو قصد الرجوع ليومه أو غير يومه. ورواية عبد الرحمن على ما لو قصد الإقامة أو كانت الضيعة وطنه الشرعي ، فيرتفع التنافي لتعدّد الموردين.
وعلى الجملة : الاستدلال برواية ابن الحجاج يتوقف على التمسّك بالإطلاق ، فإذا رفعنا اليد عنه لأجل المعارضة مع الموثّقة فلا دلالة لها على التمام في قاصد الرجوع لغير يومه حتّى يتوهّم المعارضة مع أخبار عرفات.
وثانياً : لو سلّمنا دلالة هذه الرواية بل وغيرها على التمام كدلالة أخبار عرفات وغيرها على القصر ، فلا تعارض بينهما لتصل النوبة إلى التساقط والرجوع إلى أصالة التمام ، لإمكان الجمع الدلالي بالحمل على التخيير ، فانّ كلا منهما ظاهر في الوجوب التعييني ، فيرفع اليد عنه ويحمل على التخييري.
وبعبارة اخرى : اتصاف الوجوب بالتعيينية مستفاد من الإطلاق دون اللّفظ
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٤٥٨ / أبواب صلاة المسافر ب ٢ ح ٧.