.................................................................................................
______________________________________________________
ثانيهما : أن يقال إنّ الأخبار الدالّة على ثبوت التقصير في المسافة التلفيقية وإن رجع لغير يومه كأخبار عرفات وغيرها معارضة بما دلّ من الأخبار الكثيرة على تحديد التقصير بثمانية فراسخ امتدادية لا أقل من ذلك ، فإنّها ظاهرة في اختصاص لزوم التقصير بالثمانية الامتدادية وعدم ثبوته فيما دونها ، كما أنّ تلك ظاهرة في تعيّن التقصير لدى التلفيق ، فيرفع اليد عن هذا الظهور ، وتحمل نصوص التلفيق على التخيير وأنّ المراد بها جواز القصر لا تعينه ، بقرينة نصوص الامتداد النافية للزوم القصر عمّا دون الثمانية. وبذلك يتمّ التخيير المنسوب إلى المشهور.
وفيه أوّلاً : أنّه لا معارضة بين الطائفتين ليتصدّى للعلاج ، فانّ نصوص التلفيق حاكمة على أخبار الامتداد وشارحة للمراد من الثمانية وأنّها أعمّ من التلفيقية ، كما يكشف عنه بوضوح قوله (عليه السلام) في صحيحة زرارة : «وكان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) إذا أتى ذباباً قصّر ، وذباب على بريد وإنّما فعل ذلك لأنّه إذا رجع كان سفره بريدين ثمانية فراسخ» (١).
فإنّها دالّة على تحقّق الثمانية بالتلفيق ، وأنّ نصوصها وإن كانت ظاهرة في السّير الامتدادي إلّا أنّ موضوع الحكم أعمّ منه ومن التلفيق ، ومعه فلا موجب لرفع اليد عن ظهور الوجوب في التعييني. إذ لا تعارض بين الحاكم والمحكوم ليحتاج إلى الجمع كما هو ظاهر جدّاً.
وثانياً : أنّ هذا الوجه لو تمّ لعمّ وكان سنداً لما نسب إلى الشيخ في التهذيب والاستبصار (٢) والمبسوط (٣) من الحكم بالتخيير حتّى لو رجع ليومه ، الذي قلنا
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٤٦١ / أبواب صلاة المسافر ب ٢ ح ١٥.
(٢) تقدّم مصدرهما في ص ٦.
(٣) المبسوط ١ : ١٤١.