والمشهور أنّ هذه التقديرات على سبيل الاستحباب ، كما صرّح به في المسالك (١) ، بل ادّعى عليه الإجماع في التذكرة (٢). ولكن يظهر من جماعة من الأصحاب أنّه على الوجوب ، بل هو كالصريح في كلام كثير منهم (٣). وشهرة الاستحباب ونقل الإجماع عليه أيضاً ممّا يؤيّد ما اخترناه في أصل المسألة ، فالأقوى حمل النهي على الكراهة ، والقول بالاستحباب في التحديد بالمشهور.
ثمّ إنّ المذكور في الأخبار هو الدرهم ، وليس لحكم الدينار فيها أثر فيما نعلم ، ولا لغير النقدين من الغِت والمواشي ، والظاهر أنّه لا قائل بالفرق بين الدرهم والدينار.
وأمّا غيرهما ففيما يتعدّد فيه النصاب كغير الغِت يمكن عدم التعدّي إليه ، ويمكن اعتبار النصاب الأوّل أو الثاني منها كما ذهب إليه بعضهم ، ويمكن اعتبار بلوغ قيمة المدفوع ذلك كما اختاره في المسالك (٤).
وأمّا الغِت ففيها احتمالان : لزوم ما يجب في أوّل بلوغ النصاب ، واعتبار ما يساوي خمسة دراهم.
أقول : والظاهر من صحيحة أبي ولاد وما في معناها أنّه لا يعطى أقلّ من أقلّ ما يجب في أموال المسلمين في الزكاة في أوّل الإعطاء ، ولعلّ الأقلّ كان في زمان الصادق عليهالسلام حين إفادة هذا الحكم هو خمسة دراهم بالنسبة إلى جميع أصناف ما تجب فيه الزكاة ، بمعنى أنّ قيمة زكاة النصاب الأوّل في الفضّة كان يومئذٍ أقلّ من قيمة زكاة النصاب الأوّل في سائر الأصناف ، فيلاحظ سائر الأصناف مع زكاة الفضّة ، ويعتبر عدم كونها أقلّ منها.
أو نقول : إنّ الظاهر من الصحيحة اعتبار أقلّ ما يخرج المكلّف ممّا كلّف به ، فإن كان
__________________
(١) المسالك ١ : ٤٣١.
(٢) التذكرة ٥ : ٣٤٠ مسألة ٢٥١.
(٣) كابن البراج في المهذّب ١ : ١٧٢ ، وحكاه عن علي بن بابويه في الفقيه ٢ : ١٧.
(٤) المسالك ١ : ٤٣٢.