تمهيد
تعد قضية صلح الإمام الحسن عليهالسلام مع معاوية / كما تصورها لنا المصادر التاريخية الأولى / من أشد القضايا غموضا وتشوها في تاريخ أهل البيت عليهمالسلام من جهة ، وفي تاريخ العراق الإسلامي المبكر من جهة أخرى ، وذلك لان القراءة الأولية للمصادر التاريخية الإسلامية حول الموضوع تفرض على القارئ ان يخرج بانطباعين سلبيين هما :
الأول : الانطباع السلبي الشديد عن العراقيين الأوائل الذين عاصروا عليا والحسن والحسين عليهماالسلام في الكوفة خاصة ، وهو الانطباع السائد لدى كل من درس الموضوع أو كتب فيه ، وهو : كونهم متفرقين متخاذلين / طالما تمنى علي عليهالسلام فراقهم / غير قادرين على النهوض بدولة مستقلة بهم نظير ما صنعه الشاميون مع معاوية ، بل كان بعض العراقيين / كما في بعض الروايات / يفكر بتسليم الحسن عليهالسلام حيا إلى معاوية ، ولذلك اضطر الحسن عليهالسلام إلى تسليم الأمر لمعاوية ، وهذا الانطباع يستوي فيه القراءة المسلمون بغض النظر عن مذاهبهم.
الثاني : الانطباع السلبي عن شخصية الحسن عليهالسلام لدى القارئ الذي لا تربطه معه رابطة الاعتقاد بإمامته وعصمته أو رابطة الاعتقاد بوجوب محبته واحترامه لأنه من أهل البيت عليهمالسلام الذين أوجب الله تعالى مودتهم ، كالمستشرقين وقد كادوا يجمعون على كون الحسن عليهالسلام شخصية غير جديرة بان تكون ابنا لعلي عليهالسلام وانه باع الخلافة بدراهم من اجل شهواته.