أقول : ليس من شك ان بيعته عليهالسلام لعثمان التي اكره عليها بالسيف قبل ان يخرج من غرفة الاجتماع لم تكن على العمل بسيرة الشيخين بل كانت على العمل بالكتاب والسنة أي على ما بايع عليه أبا بكر وعمر سابقا ، وهي أيضا كانت بيعة قد اكره عليها ، وقد قَبِل أهل الشورى منه ذلك ، ولم يكونوا يتوقعوا منه ان يقوم على عثمان لإحياء سنة النبي صلىاللهعليهوآله حينما تؤاتيه الفرصة (١) ، وقد واتته الفرصة سنة ٢٧ هـ حين نهض بالأمر.
ما هي سيرة الشيخين التي رفضها علي عليهالسلام؟
ليس من شك ان سيرة الشيخين التي رفضها علي عليهالسلام انما كانت اجتهادا منهما في قبال الكتاب والسنة : والنظرية فيها ان للخليفة بعد بيعته الحق في الاجتهاد في قبال الكتاب والسنة ، وان اجتهاداته تكون ملزمة للخليفة من بعده ، وللخليفة الجديد الحق ان يضيف إلى اجتهادات من سبقه ، لا ان ينسخها.
ولم يقف اجتهاد الخليفتين عند مورد واحد من سنة النبي صلىاللهعليهوآله بل تجاوزاه إلى موارد ومسائل كثيرة :
منها مسائل اجتماعية : كتحريم متعة النساء (٢) ، وإمضاء التطليقات بلفظ واحد
__________________
(١) قال العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى في كتابه الصحيح من سيرة الامام علي عليهالسلام ج ١٥ ص ١٧٢ : ولكن الشيخ المفيد رحمهالله لا يوافق على هذا الذي زعموه (انه بايع) ، ويقول : «وانصرف مظهراً النكير على عبد الرحمن. واعتزل بيعة عثمان. فلم يبايعه ، حتى كان من أمره مع المسلمين ما كان» المفيد ، الجمل ص ١٢٣. وربما يكون هذا النص الأخير هو الأقرب إلى الاعتبار ، مع الالتفات إلى أنه يمكن الجمع بين هذه الروايات بتقدير أن يكون عليهالسلام قد أعطى وعداً بعدم الخروج على الذي بويع ، فاكتفوا منه بذلك ، واعتبروه بمثابة البيعة ، وأشاعوا ذلك بين الناس. ولعلهم أخذوا يده بالقوة والقهر حتى مسح عليها عثمان ، فقالوا بايع علي ، تماما كما جرى في حديث البيعة لأبي بكر. وحتى لو بايع عليهالسلام تحت وطأة التهديد بالقتل ، فإنه ليس لهذه البيعة قيمة ولا أثر ، إذ لا بيعة لمكره. ولا سيما مع وجود خمسين مسلحاً. بالإضافة إلى سيف عبد الرحمن بن عوف ، وعدم وجود سلاح مع أحد سواه.
(٢) روى البخاري في صحيحه ص ٨١٤ ومسلم واحمد والدارمي واللفظ للأول : حدّثنا مسدّد حدّثنا يحيى عن عمران أبي بكر حدّثنا أبو رجاء عن عمران بن حصين رضياللهعنهما قال أنزلت آية المتعة في كتاب الله ففعلناها مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولم ينزل قرآن يحرّمه ولم ينه عنها