الحجة سنة ٣٥ هجرية (١) ، وتوقعت ان تبايع الجماهير طلحةَ أو الزبيرَ لكنها فوجئت بحركة الجماهير نحو علي عليهالسلام تطلب منه البيعة.
منهج علي عليهالسلام في بيعته وحكومته
وفوجئت الجماهير أن علياً عليهالسلام يرفض ان يبايعوه قائلا (دعوني والتمسوا غيري) (٢) وبعد إصرارهم عليه يواعدهم في المسجد لتكون بيعة عامة يشهدها الجميع وكان يقول (لا تكون بيعتي خَفْياً).
وسُرَّ الناس بهذا الإجراء لأنه كاشف عن عدم حرص علي عليهالسلام على الإمرة والسلطان (٣) ، وأنه لا يطلبه حثيثا بل لا يقبل به حتى حينما يأتيه إلى بيته ، ومن جهة أخرى يكشف عن حرصه أن تكون البيعة على مرأى ومشهد من كل الناس ليقول قائل ما يرغب أن يقوله سلباً أو إيجاباً ويكون الناس أحراراً في إعطاء صوتهم ولا يُؤخذون على حين غِرَّة ولا تكون البيعة فلتة.
__________________
(١) الطبري ، تاريخ الطبري ، مصدر سابق ، ج ٣ ص ١٦٢ ـ ١٦٣ ؛ الطبراني ، المعجم الكبير ، دار إحياء التراث العربي بيروت ، ج ١ ص ٧٨ ؛ وابن الاثير ، اسد الغابة ، دار إحياء التراث العربي بيروت ، ج ٣ ص ٤٨٨ ؛ وابن عبد البر ، الاستيعاب ، دار الجيل بيروت ١٩٩٢ ، ج ٢ ص ١٥ ، العسقلاني ، ابن حجر ابن حجر ، الاصابة ، دار الكتب العلمية بيروت ١٤١٥ هـ ، ج ٣ ص ٤٢٧ ؛ البلاذري ، انساب الاشراف ، مصدر سابق ، ج ٦ ص ٢١٢.
(٢) جاء في شرح نهج البلاغة ج ٧ ص ٢٤ ـ ٢٥ : ان عليا عليهالسلام لما أريد على البيعة بعد قتل عثمان قال : (دعوني والتمسوا غيري فإنّا مستقبلون أمرا له وجوه وألوان. لا تقوم له القلوب ولا تثبت عليه العقول. وإن الآفاق قد أغامت المحجة قد تنكرت. واعلموا أني إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم ولم أصغ إلى قول القائل وعتب العاتب. وإن تركتموني فأنا كأحدكم ولعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم. وأنا لكم وزيرا خير لكم مني أميرا) قال ابن أبي الحديد : وزيرا واميرا منصوبان على الحال. أقول : الجملة الأخيرة (أنا لكم وزير خير لكم مني أميرا) يبعد ان تكون من كلامه عليهالسلام لأنه لم يكن وزيرا لمن سبقه من الخلفاء بل كان وزيراً للنبي صلىاللهعليهوآله ووزارته للنبي صلىاللهعليهوآله نظير وزارة هارون من موسى وقد أشار النبي صلىاللهعليهوآله (إلى ذلك بقوله لعلي عليهالسلام : انت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي) رواه البخاري ص ٧٩٤ وغيره. وقد روى الشيخ المفيد في الإرشاد ص ١٤٧ ان عليا قال : إما بعد فان رسول الله صلىاللهعليهوآله رضيني لنفسه أخا واختصني له وزيرا أيها الناس أنا أنف الهدى وعيناه ...
(٣) خلافا لما روَّجه الاعلام العباسي على لسان المنصور في رسالته إلى محمد بن عبد الله بن الحسن : (ثمَّ طلبها ـ أي علي عليهالسلام ـ بكل وجه وقاتل عليها ، وتفرق عنه أصحابه). رواها الطبري في قصة خروج محمد ذي النفس الزكية على المنصور وقتله سنة ١٤٤ هـ.