كلامه رحمهالله على بنود الصلح (١)
قال رحمهالله :
[وروى فريق من المؤرخين ، فيهم الطبري وابن الأثير : «أن معاوية أرسل إلى الحسن صحيفة بيضاء مختوما على أسفلها بختمه» ، وكتب إليه : «أن اشترط في هذه الصحيفة التي ختمت أسفلها ما شئت ، فهو لك». (٢) «انظر التعليقة رقم ١».
«ثم بتروا الحديث ، فلم يذكروا بعد ذلك ، ماذا كتب الحسن على صحيفة معاوية. وتتبعنا المصادر التي يسر لنا الوقوف عليها ، فلم نر فيما عرضته من شروط الحسن عليهالسلام ، الا النتف الشوارد التي يعترف رواتها بأنها جزء من كل. وسجل مصدر واحد صورة ذات بدء وختام ، فرض أنها [النص الكامل لمعاهدة الصلح] ، ولكنها جاءت ـ في كثير من موادها ـ منقوضة بروايات أخرى تفضلها سندا ، وتزيدها عددا. ولنا لو أردنا الاكتفاء ، أن نكتفي ـ في سبيل التعرف على محتويات المعاهدة ـ برواية (الصحيفة البيضاء) ، كما فعل رواتها السابقون ، فبتروها اكتفاء باجمالها عن التفصيل ، ذلك لان تنفيذ الصلح على قاعدة «اشترط ما شئت فهو لك» معناه أن الحسن أغرق الصحيفة المختومة في أسفلها ، بشتى شروطه التي أرادها ، فيما يتصل بمصلحته ، أو يهدف إلى فائدته ، سواء في نفسه أو في أهل بيته أو في شيعته أو في أهدافه ، ولا شيء يحتمل غير ذلك. وإذا قدر لنا ـ اليوم ـ أن لا نعرف تلك الشروط بمفرداتها ، فلنعرف أنها كانت من السعة والسماحة والجنوح إلى الحسن ، بحيث صححت ما يكون من الفقرات المنقولة عن المعاهدة أقرب إلى صالح الحسن ، ورجحته على ما يكون منها في صالح خصومه ، كنتيجة قطعية لحرية الحسن عليهالسلام في أن يكتب من الشروط ما يشاء. ورأينا بدورنا ، وقد أخطأنا التوفيق عن تعرف ما كتبه الحسن هناك ، أن ننسق ـ هنا ـ الفقرات المنثورة في مختلف المصادر من شروط الحسن على معاوية في الصلح ، وأن نؤلف من مجموع هذا الشتات صورة تحتفل بالأصح الأهم ، مما حملته الروايات الكثيرة
__________________
(١) من الجدير ذكره ان هوامش كلامه رحمهالله في الموردين هي منه.
(٢) الطبري ، تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٩٣ ، وابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ج ٣ ص ١٦٢ (منه رحمهالله).