بلاده التي بايعته ، وجعل الحسن أمام إحراجين اما قبول الصلح وهذا معناه تكريس الانشقاق وتكريس الاعلام الكاذب ضد علي ، واما رفضه ومعناه تكريس الاعلام السلبي ضد علي أيضا بان ولده على خط أبيه في إثارة الحرب ،
وبادره الحسن بأطروحة صلح تستهدف فضحه وكسر الطوق الاعلامي الكاذب عن علي في الشام مستمدا روحها من صلح الحديبية ، وهي معادلة قوامها : ان يسلم الحسن ملك العراق بشروط يعينها الحسن ولا مجال للمساومة عليها ، فاما ان يقبل معاوية الشروط ويتسلم الملك ويتحقق الأمان للناس ووحدتهم والفتهم وتفهمهم للحقائق واما ان يرفض الشروط فيكون معاوية هو طالب الحرب وطالب الانشقاق.
١. خرج النبي في ألف وأربعمائة أو ألف وثمانمائة وخمسين شخص من أصحابه مُحْرِمين يسوقون الهدي بني أيديهم وكان ذلك سِتّ من الهجرة وسمعت قريش بذلك ، فخرجوا جميعا يعاهدون الله أن لا يدخل محمد وأصحابه مكة أبداً وبعث النبي صلىاللهعليهوآله إليهم أحدَ حُلَفائهم الحُلَيْس بن علقمة الكناني سيِّد الأحابيش وكان قد أثَّر فيه مشهد النبي صلىاللهعليهوآله وأصحابه والهدي أمامهم وقال لقريش : «رأيت البُدْنَ (١) قد قُلِّدت وأُشْعِرت فما أرى أن يُصَدّوا عن البيت».
فقالوا : «اجلس إنَّما أنت أعرابيّ لا عِلمَ لك».
فغضب وقال : «يا معشر قريش والله ما على هذا حالفناكم أيُصَدُّ عن بيت الله من جاءه معظِّما له؟ والذي نفسي لَتُخْلُنَّ بين محمد وبين ما جاء له أو لأنفِرَنَّ بالأحابيش نَفْرَة رجل واحد».
قالوا : «مه ، كُفّ عنا حتى نأخذ لأنفسنا ما نرضى به».
٢. وبعثت قريش سُهيْلَ بن عمرو ليصالح النبي صلىاللهعليهوآله شريطةَ أن يَرجِع النبي صلىاللهعليهوآله هذا العام. وفوض النبي عليا في صلحه. وقَبِلَ النبي صلىاللهعليهوآله شرط قريش وشروطاً أخرى أملتها عليه ظاهرها التنازل من النبي صلىاللهعليهوآله لقريش.
__________________
(١) البُدْن : جمع بَدَنَة وهي الإبل السمين.