الحرب قدما غير ناكصين ولا متشاكسين.
ثم قال لها : والله يا زرقاء! لقد شركت عليا في كل دم سفكه.
قالت : أحسن الله بشارتك وأدام سلامتك! فمثلك بشر بخير وسر جليسه ،
قال لها : أو يسرك ذلك؟ قالت : نعم والله لقد سررت بالخير ، فأنى لي بتصديق الفعل؟
فضحك معاوية ،
وقال : والله لوفاؤكم له بعد موته أعجب من حبكم له في حياته!
اذكري حاجتك.
قالت : يا أمير المؤمنين آليت على نفسي أن لا أسأل أميرا أعنت عليه أبدا ، ومثلك أعطى عن غير مسألة وجاد من غير طلبة ،
قال : صدقت! وأمر لها وللذين جاؤوا معها بجوائز وكُسا. (١)
روى أحمد بن أبي طاهر : أن مروان حبس غلاما من بني ليث ، فخرجت أم سنان جدته لأبيه إلى معاوية ،
فقال لها : ما أقدمك أرضي وقد عهدتك تشنأينني وتحضين علي عدوي؟
قالت : إن لبني عبد مناف أخلاقا طاهرة وأعلاما زاهرة ، لا يجهلون بعد علم ولا يسفهون بعد حلم ولا يتعقبون بعد عفو ، فأولى الناس باتباع سنن آبائه أنت ،
قال : صدقت نحن كذلك ، فكيف قولك :
عزب الرقاد فمقلتي ما ترقد
والليل يصدر بالهموم ويورد
يا آل مذحج لا مقام فشردوا
إن العدو لآل أحممد يقصد
__________________
(١) ابن عبد ربه ، العقد الفريد ، ج ١ ص ٢٢٠. وابن طيفور ، بلاغات النساء : ص ٤٩ وأكملناه من البلاغات. انظر ايضا محمد تقي التستري ، قاموس الرجال ، مؤسسة النشر الإسلامي جامعة مدرسين قم ١٤١٩ هـ ، ج ١٢ ص ٢٥٩ ـ ٢٦٠. وابن بكار الضبي ، اخبار الوافدات من النساء ص ٦٣ ، وابن عساكر ، تاريخ مدينة دمشق ج ٧٣ ص ١٢٤.