قالت : يا سبحان الله ما فرض الله لنا حقاً جعل فيه ضرراً على غيرنا ولو علم جل ثناؤه أنَّ في ما جعل لنا ضرراً على غيرنا لما جعله لنا ، هو علام الغيوب.
قال معاوية :
هيهات يا أهل العراق قد فقهكم علي بن أبي طالب فلن تطاقوا.
ثم أمر لها برد صدقاتها ، وإنصافها ، وضيَّفها ، وأطرفها ، وردها إلى أهلها مكرَّمة. (١)
بعث إليها فجيء بها ، فلما رآها قال لها :
كيف حالك يا بنت حام؟ قالت : بخير ، ولست لحام ، ولكني ابنة أبيك ، ولن يضر المرء نسب أمه.
قال : صدقت ، فهل تعلمين لِمَ بعثتُ إليك؟
قالت : يا سبحان الله العظيم ، لا يعلم الغيب إلا الله.
قال : بعثت إليك أسألك علام أحببت علياً وأبغضتني ، وعلام واليته وعاديتني؟
قالت : أو تعفيني يا أمير المؤمنين من ذلك؟!
قال : ما كنت بفاعل ، ولا أعفيك!
قالت : أما إذا أبيتَ عليَّ :
فإني أحببت عليّاً على عدله في الرعية وقسمته بالسوية ،
وأبغضتك على قتالك من هو أولى بالأمر منك ، وطلبك ما ليس لك ،
وواليت علياً على حبه المساكين وإعطائه أهل السبيل وفقهه في الدين وبذله الحق من نفسه ، وما عقد له رسول الله صلىاللهعليهوآله من الولاية ،
__________________
(١) ابن طيفور ، بلاغات النساء ص ٨٦. ابن عبد ربه ، العقد الفريد ج ١ ص ٢٢٢ ، ابن بكار الضبي ، اخبار الوافدات من النساء ، مؤسسة الرسالة ١٩٨٣ م ، ص ٣٧ ، ابن عساكر ، تاريخ مدينة دمشق ج ٧٣ ص ٢١٥.
(٢) نسبة إلى داروم قلعة بعد غزة للقاص إلى مصر على ساحل البحر نزل بها بنو حام كما يظهر من قول معاوية يا بنت حام والحجون مكان معروف بمكة. كانت دارمية تنزل بها فنسبت إليها. هامش الغدير ج ٢ ص ٤١٥.