وعاديتك على إرادتك الدنيا ، وسفكك الدماء ، وشقك العصا ...
ثم قال لها معاوية : هل رأيتِ علياً قط؟
قالت : إي والله لقد رأيتُه.
قال : كيف رأيتِه؟
قالت : رأيته شَثِنَ القدم والكف ، لم يعبَ بالملك ، ولم تشغله النعمة.
قال : فهل سمعتِ كلامه؟
قالت : نعم.
قال : كيف سمعتِه؟
قالت : كان يجلو القلوب من العمى كما يجلو الزيت الطست من الصدأ.
قالت : صدقت ، هل لك من حاجة؟
قالت : أو تفعل ذلك إذا سألتك؟
قال : نعم.
قالت : تعطيني مائة ناقة حمراء ، وألف راعية من رواعي فحولها وغلمانها.
قال لها معاوية : ما تصنعين بها؟
قالت : اغذوا بألبانها الصغار ، وأُتحِف بها الكبار ، وأُصلح بها بين العرب.
قال : فإن أعطيتِك هل أحلُّ منكِ محلَّ علي بن أبي طالب عليهالسلام؟
قالت : يا سبحان الله! أو دونه قليلاً؟
فأنشأ معاوية يقول :
إذا لم اجُدْ بالحلم مني عليكم |
|
فمن ذا الذي بعدي يؤمَّل للحلم |
خذيها هنيئاً ، واذكري فعل ماجد |
|
حباكِ على حين العداوةِ بالسلم |
ثم قال لها : والله لو كان علياً ما أعطاكِ شيئاً.
قالت : لا والله ، ولا وبرة واحدة من مال المسلمين يعطيني.
ثم أمر لها بما سألت ، وردها إلى منزلها مكرمة. (١)
__________________
(١) ابن طيفور ، بلاغات النساء ص ٨٨. وابن عبد ربه ، العقد الفريد ج ١ ص ٢٢٢ ـ ٢٢٣. وابن بكار الضبي ، اخبار الوافدات من النساء ص ٤٠.