روى الجاحظ ان معاوية لم يظهر حزنا. (١)
أقول : بل اعترض على المقدام حين اعتبر موت الحسن مصيبة كما في الرواية التالية :
روى أبو داود في سننه قال حدثنا عمرو بن عثمان بن سعيد الحمصي ثنا بقية ، عن بحير ، عن خالد ، قال : وفد المقدام بن معد يكرب وعمرو بن الأسود ورجل من بني أسد من أهل قنسرين إلى معاوية بن أبي سفيان ، فقال معاوية للمقدام : أعلمت أن الحسن بن علي توفى؟ فرجع المقدام ، فقال له رجل : أتراها مصيبة؟ قال له : ولم لا أراها مصيبة وقد وضعه رسول الله صلىاللهعليهوسلم في حجره فقال : (هذا مني وحسين من علي)؟!
فقال الأسدي : جمرة أطفأها الله عز وجل ،
قال : فقال المقدام : أما أنا فلا أبرح اليوم حتى أغيظك وأسمعك ما تكره ، ثم قال : يا معاوية ، إن أنا صدقت فصدقني ، وإن أنا كذبت فكذبني ، قال : أفعل ،
قال : فأنشدك بالله هل تعلم أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم نهى عن لبس الذهب؟ قال : نعم ، قال : فأنشدك بالله هل سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ينهى عن لبس الحرير؟ قال : نعم ، قال : فأنشدك بالله هل تعلم أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم نهى عن لبس جلود السباع والركوب عليها؟ قال : نعم ،
قال : فوالله لقد رأيت هذا كله في بيتك يا معاوية (٢) ،
__________________
(١) قال الجاحظ في البيان والتبيين ص ٥٩٢ (ولما بلغت معاوية وفاة الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما دخل عليه ابن عباس فقال له معاوية أجرك الله أبا العباس في أبي محمد الحسن بن علي ولم يظهر حزنا فقال ابن عباس إنا لله وإنا إليه راجعون وغلبه البكاء فرده ثم قال لا يسد والله مكانه حفرتك ولا يزيد موته في أجلك والله لقد أصبنا بمن هو أعظم منه فقدا فما ضيعنا الله بعده فقال له معاوية كم كانت سنه قال مولده أشهر من ان تتعرف سنه قال أحسبه ترك أولادا صغارا قال كلنا كان صغيرا فكبر ولئن اختار الله لأبي محمد ما عنده وقبضه إلى رحمته لقد أبقى الله أبا عبد الله وفي مثله الخلف الصالح).
(٢) أبو داود ، سنن أبي داود ج ٢ ص ٢٧٥.