ثقافة الولاء لعلي إلى غيرهم ، وقد أثبت العراقيون أنهم كذلك حيث استجابوا (١) للحسن عليهالسلام وقاموا بمهمة الهداية معه كما سيأتي.
المعادلة التي صنعها الحسن عليهالسلام مع معاوية هي أن يسلم السلطة المدنية في العراق لمعاوية لتكون الحكومة واحدة في البلاد الإسلامية بشروط يشترطها على معاوية منها : ان يكون الحكم بعد معاوية للحسن وان حدث به حدث فللحسين لتكافؤ مكانتهما قيمتهما المعنوية في الإسلام وليس له ان يعهد إلى احد من بعده وأن يتقيد معاوية في حكمه بالكتاب والسنة ، وأن لا يذكر علياً عليهالسلام إلّا بخير ، وأن يأمن شيعة علي عليهالسلام أينما كانوا ، وأن يفضل بني هاشم في العطاء على بني شمس وشروط أخرى.
ومن الواضح أن الطرف الأول من المعادلة / وهو تسليم الحكم / يسد الباب على معاوية أن يشترط أي شرط ويفتح الباب للحسن عليهالسلام أن يشترط شروطه بكل حرية. ويجعل معاوية أمام خيارين لا ثالث لهما أما قبول المعادلة كلها وأما رفضها كلها :
أما قبول شروط الحسن عليهالسلام ليحصل على ملك العراق الذي لم يكن يحلم به.
أو رفض الملك لأجل مبادئه التي انطلق منها في حربه مع علي عليهالسلام التي خلاصتها : أن معاوية كان يقاتل علياً عليهالسلام من أجل دم الخليفة المظلوم عثمان وأن علياً خالف سيرة الشيخية في حج التمتع وغيره. ولكن هذا الفرض الأخير غير وارد في طريقة تفكير معاوية لان الملك عنده هو الأَهم من كل شيء ، وبالتالي فليس لديه مانع من ان يعطي عهدا ثم ينقضه بعد فترة من الزمن ، ولم تغب هذه الحقيقة عن الحسن عليهالسلام الذي يهمه معالجة الانشقاق وكسر الطوق الاعلامي الكاذب ضد علي في الشام والمعرفة بحديث الغدير وحديث الثقلين وغيرها من الأحاديث التي تؤسس الإمامة الإلهية الهادية لأهل البيت ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة ، وهذا الأمر يحتاج إلى سنوات
__________________
(١) أقول : هناك روايات تذكر ان حجر بن عدي خاطب الحسن بكلمات غير لائقة بعد الصلح ولكننا نرى انها جزء من ذلك الكم الموضوع من روايات الاعلام العباسي الذي اشرنا إليه ، راجع البلاذري ، انساب الاشراف ، ج ٣ ص ٣٦٥.