روى ابن الاثير في الكامل قال : قيل للحسن عليهالسلام ما حملك على ما فعلت؟ فقال : كرهتُ الدنيا ، ورأيت أهل الكوفة قوما لا يثق بهم احدا ابدا الا غُلِب ، ليس احد منهم يوافق آخر في رأي ولا هوى ، مختلفين لا نية لهم في خير ولا شر. (١)
قال ابن الاثير : وكان الذي طلب الحسن من معاوية ان يعطيه ما في بيت مال الكوفة ومبلغه خمسة آلاف ألف وخراج دارابجرد من فارس وان لا يشتم عليا فلم يجبه إلى الكف عن شتم علي ، فطلب ان لا يشتم وهو يسمع فأجبه إلى ذلك ، ثم لم يفِ له به أيضا ، واما خراج دارابجرد (٢) فان أهل البصرة منعوه منه وقالوا هو فيئنا لا نعطيه أحدا وكان منهم بأمر معاوية أيضا. (٣)
قال ابن كثير : لما مات علي ـ قام أهل الشام فبايعوا معاوية على إمرة المؤمنين لأنه لم يبق له عندهم منازع ، فعند ذلك أقام أهل العراق الحسن بن علي رضياللهعنه ليمانعوا به أهل الشام فلم يتم لهم ما أرادوه وما حاولوه ، وإنما كان خذلانهم من قبل تدبيرهم وآرائهم المختلفة المخالفة لأمرائهم ، ولو كانوا يعلمون لعظموا ما أنعم الله به عليهم من مبايعتهم ابن بنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وسيد المسلمين ، وأحد علماء الصحابة وحلمائهم وذوي آرائهم. (٤)
__________________
(١) ابن الاثير ، الكامل في التاريخ ، ج ٣ ص ٤٠٧ ، دار صادر بيروت ١٩٦٦ م.
(٢) ولاية بفارس (مراصد الاطلاع).
(٣) ابن الاثير ، الكامل في التاريخ ، ج ٣ ص ٤٠٥.
(٤) ابن كثير ، البداية والنهاية ، ج ٨ ص ١٧ ، دار إحياء التراث العربي بيروت ١٩٨٨ م ، أقول : لم يكن ابن كثير حياديا في موضعين من كلامه الأول : حين جعل بيعة أهل العراق للحسن رد فعل لبيعة الشاميين لمعاوية ، والحال ان معاوية قد بايعه الشاميون سنة ٣٨ هـ بعد ان خلع عمرو بن العاص عليا عليهالسلام على مواصلة قتال علي عليهالسلام وعلى الغارة على اطراف الكوفة ، الثاني : ذمه لأهل الكوفة وانهم خذلوا الحسن عليهالسلام في الوقت الذي يقول القسطلاني في ارشاد الساري في شرح صحيح البخاري (ج ٤ ص ٤١١) قال الكرماني : وقد كان الحسن يومئذ احق الناس بهذا الأمر فدعاه ورعه إلى ترك الملك رغبة فيما عند الله ولم يكن ذلك لعلة ولا لذلة ولا لقلة فقد بايعه على الموت أربعون ألفا. ، انظر أيضا عمدة القاري في شرح صحيح البخاري للعيني ج ١٦ ص ٢٣٩.