عن جعدة بن هبيرة المخزومي ، قال : استأذنت أم البراء بنت صفوان بن هلال على معاوية ، فأذن لها ، فدخلت في ثلاثة دروع تسحبها قد كارت على رأسها كورا كهيئة المنسف ، فسلمت ثم جلت ، فقال : كيف أنت يا بنت صفوان؟ قالت : بخير يا أمير المؤمنين ، قال : فكيف حالك؟ قالت : ضعفت بعد جلد وكسلت بعد نشاط ،
قال : سيان بينك اليوم وحين تقولين :
يا عمرو دونك صارما ذا رونق |
|
عضب المهزة ليس بالخوار |
أسرج جوادك مسرعا ومشمرا |
|
للحرب غير معرد لفرار |
أجب الإمام ودب تحت لوائه |
|
وافر العدو بصارم بتار |
يا ليتني أصبحت لست بعورة (١) |
|
فأذب عنه عساكر الفجار |
قالت : قد كان ذاك يا أمير المؤمنين ومثلك عفا ، والله تعالى يقول : عفا الله عما سلف.
قال : هيهات! أما إنه لو عاد لعدت ، لكنه اخترم دونك ، فكيف قولك حين قتل؟
قالت : نسيته يا أمير المؤمنين.
فقال بعض جلسائه : هو والله حين تقول يا أمير المؤمنين :
يا للرجال لعظم هول مصيبة |
|
فدحت فليس مصابها بالهازل |
الشمس كاسفة لفقد إمامنا |
|
خير الخلائق والإمام العادل |
يا خير من ركب المطي ومن مشى |
|
فوق التراب لمحتف أو ناعل |
حاشا النبي لقد هددت قواءنا |
|
فالحق أصبح خاضعا للباطل |
فقال معاوية : قاتلك الله يا بنت صفوان! ما تركت لقائل فقال مقالا ، اذكري حاجتك.
قالت : هيهات بعد هذا! والله لا سألتك شيئا. ثم قامت فعثرت ،
__________________
(١) في كتاب القشلندي ، صبح الاعشى في صناعة الانشا ، دار الكتب العلمية بيروت ، ج ١ ص ٣٠٨ «لست قعيدة».