اما كلماته في قريش المسلمة التي ظلمته فمنها :
(اللهم إني أستعديك على قريش ومن أعانهم ، فانهم قطعوا رحمي ، وصغرّوا عظيم منزلتي ، واكفأوا إنائي ، واجمعوا على منازعتي حقا كنت أولى به من غيري ، وقالوا إلا ان في الحق ان تأخذه ، وفي الحق ان تُمنعه ، فاصبر مغموما ، أو مُت متأسفا ، فنظرت فإذا ليس لي رافد ولا ذاب ولا مساعد إلا أهل بيتي ، فضننت بهم عن المنية ، فاغضيت على القذى ، وجرعت ريقي على الشجا وصبرت من كظم الغيظ على أمرِّ من العلقم ، وآلم للقلب من حز الشفار). (١)
وقوله عليهالسلام في رسالته لأخيه عقيل :
(فإن قريشاً قد اجتمعت على حرب أخيك اجتماعها على حرب رسول الله صلىاللهعليهوآله قبل اليوم ، وجعلوا حقّي ، وجحدوا فضلي ، ونصبوا لي الحرب ، وجَدُّوا في إطفاء نور الله ، اللهم فاجزِ قريشاً عني بفعالها ، قد قطعت رحمي وظاهرت عليَّ ...). (٢)
المرحلة الرابعة : الامام الحسن عليه السالم يؤسس
المرجعية الدينية المستقلة عن السلطة
ويتنازل عن السلطة المدنية
ان الامام الحسن عليهالسلام بصلحه وتنازله عن السلطة مؤقتا لمعاوية وتقييد حكمه بالكتاب والسنة دون سيرة الشيخين يكون قد اكد للامة منهج علي عليهالسلام ومن قبل منهج النبي صلىاللهعليهوآله ان الدين والقانون هو الكتاب والسنة لا غير وان سيرة الشيخين ليستا من الدين في شيء وإنما هي اجتهادات من عمل بها ينبغي له ان يعرف مسبقا انه يعمل باجتهادات ما انزل الله فيها من سلطان وليس له ان يرتقب الثواب من الله تعالى عليها ، واكد للامة ان مهمة الحاكم في المجتمع هو تنفيذ القانون لا تشريعه ، وان التشريع مطلقا لله تعالى ولرسوله في حدود مساحة معينة بإذن الله تعالى ، وأيضا لأوصياء النبي صلىاللهعليهوآله
__________________
(١) كلام : ٢١٧ نهج البلاغة الخطبة : ١٧٢.
(٢) ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ٢ / ١١٩ ، الدينوري ، ابن قتيبة ، الإمامة والسياسة ج ١ : ٥٦ ، البلاذري ، انساب الاشراف ج ٢ : ٧٥ أبو الفرج الاصفهان ، الاغاني ج ١٥ : ٤٦. نهج البلاغة ج ٣ : ٦٨. وصفوت ، احمد زكي ، جمهرة رسائل العرب في العصور العربية الزاهرة ، المكتبة العلمية ١٩٣٧ م ، ج ١ ص ٥٩٥.