٥. ولقد علمتَ ان مكرمتنا في الجاهلية سقاية الحجيج الأعظم ، وولاية زمزم ، فصارت للعباس من بين اخوته ، فنازعنا فيها ابوك ، فقضى لنا عليه عمر ، فلم نزل نليها في الجاهلية والإسلام ، ولقد قحط أهل المدينة فلم يتوسل عمر إلى ربه ولم يتقرب إليه إلَّا بأبينا ، حتّى نَعَشَهم الله وسقاهم الغيث ، وابوك حاضر لم يتوسل به ، ولقد علمتَ انه لم يبق احد من بني عبد المطلب بعد النبي صلىاللهعليهوآله غيره ، فكان وارثه من عمومته ، ثمَّ طلب هذا الأمر غير واحد من بني هاشم فلم ينله إلَّا وِلدُه ، فالسقاية سقايته وميراث النبي له ، والخلافة في ولده ، فلم يبق شرف ولا فضل في جاهلية ولا اسلام في دنيا ولا آخرة إلَّا والعباس وارثه ومورثه.
واما ما ذكرت من بدر ، فإن الإسلام جاء والعباس يموت أبا طالب وعياله ، وينفق عليهم للأزمة التي اصابته ، ولولا ان العباس أُخرج إلى بدر كارهاً لمات طالب وعقيل جوعاً ، ولَلَحَسا جِفان عُتبة وشيبة ، ولكنه كان من المطعِمين ، فأذهبَ عنك العار والسُّبَّة ، وكفاكم النفقة والمؤونة ، ثمَّ فدى عقيلا يوم بدر ،
فكيف تفخر علينا وقد عُلْناكم في الكفر ، وفديناكم من الاسر ، وحُزْنا عليكم مكارم الآباء ، وورثنا دونك خاتم الأنبياء ، وطلبنا بثأركم فأدركنا منه ما عجزتم عنه ، ولم تدركوا لأنفسكم! والسلام عليك كورحمة الله.). (١)
ثانيا : خطبة المنصور في الكوفة
سنة ١٤٤ هجرية
قال المسعودي : ولمّا أخذ المنصور عبد الله بن الحسن وإخوته والنفر الذين كانوا معه من أهل بيته صعد المنبر بالهاشمية ، فحمد الله وأثنى عليه ، وصلى على محمد صلىاللهعليهوآله ، ثمَّ قال :
١. (يا أهل خراسان ، أنتم شيعتنا وأنصارنا ، وأهل دعوتنا ، ولو بايعتم غيرنا لم تبايعوا خيراً منّا. إنَّ ولد أبي طالب تركناهم والذي لا إله إلَّا هو والخلافة فلم نعرض لهم لا بقليل ولا بكثير.
__________________
(١) رواها الطبري والرسالة وان كانت يبدو عليها الوضع هي ورسالة محمد ذو النفس الزكية الا ان الواضع لا يمكن ان يكون غير الجهاز الاعلامي العباسي.