باستدراج الله وأمناً لمكر الله فأتاهم الله بياتا وهم نائمون فأصبحوا أحاديث ، ومزقوا كل ممزق فبعدا للقوم الظالمين ، وأدالنا الله من مروان وقد غرَّه بالله الغرور ، ومحق ضلاله وجعل دائرة السوء به وأحيا وشرفنا وعزنا ورد إلينا حقنا وإرثنا.
ثم قال : يا أهل الكوفة إنا والله ما زلنا مظلومين مقهورين على حقنا ، حتى أتاح الله لنا شيعتنا أهل خراسان فأحيا بهم حقنا ، وأفلج بهم حجتنا ، وأظهر بهم دولتنا ، وأراكم الله ما كنت به تنتظرون وإليه تشوفون ، فأظهر فيكم الخليفة من هاشم ، وبيض به وجوهكم ، وأدالكم على أهل الشام ، ونقل إليكم السلطان وعز الإسلام ومن عليكم بإمام منحه العدالة وأعطاه حسن الايالة فخذوا ما آتاكم الله بشكر والزموا طاعتنا ولا تخدعوا عن أنفسكم فان الأمر أمركم فان لكل أهل بيت مصرا وإنكم مصرنا.
ألا وإنه ما صعد منبركم هذا خليفة بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم الا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأمير المؤمنين عبد الله بن محمد وأشار بيده إلى أبي العباس فاعلموا أن هذا الأمر فينا ليس بخارج منا حق نسلمه إلى عيسى ابن مريم صلىاللهعليهوسلم والحمد لله رب العالمين على ما أبلانا وأولانا. (١)
لم تكن الساحة خالية لمحمد بن علي وإخوته وولده وابناء عمومته إذ كان أمامهم بيت عبد الله بن الحسن وولداه محمد وإبراهيم وإخوته. وبيت الامام الصادق عليهالسلام. ولكل شيعته وانصاره.
فمحمد بن عبد الله بن الحسن صاحب حركة سياسية واسعة النطاق هي امتداد لحركة زيد بن علي الذي استشهد في صفر سنة ١٢٢ هجرية وحركة ولده يحيى واستشهاده سنة ١٢٥ هجرية كما يفهم ذلك من توريثهما نسخة الصحيفة السجادية (٢).
__________________
(١) الطبري ، تاريخ الطبري ج ٦ ص ٨٠. البلاذري ، انساب الاشراف ص ١٤٢.
(٢) أقول : جاء في مقدمة الصحيفة السجادية عن عمير بن متوكل الثقفي البلخي ، عن أبيه متوكل بن هارون قال : لقيت يحيى بن زيد بن علي عليهالسلام وهو متوجه إلى خراسان ، فسلمت عليه فقال لي : من أين أقبلت؟ قلت : من الحج. فسألني عن أهله وبني عمه بالمدينة ، وأحفى السؤال عن جعفر بن محمد عليهالسلام ، فأخبرته بخبره وخبرهم ، وحزنهم على أبيه زيد بن علي عليه