الكوفة على عهد الخليفة عمر بن الخطاب ١٤ ـ ٢٣ هجـ (عشر سنوات)
مكرسة لسياسة الخليفتين
قال البلاذري ان عمر بن الخطاب كتب إلى سعد بن أبي وقاص (لما فتح بالعراق) يأمره أن يتخذ للمسلمين دار هجرة ، وأن يجعل بينه وبينهم بحرا. فاختط الكوفة أقطع الناس المنازل ، وأنزل القبائل منازلهم ، وبنى مسجدها وذلك في سنة سبع عشرة. (١)
قال البلاذري قال عمر : بالكوفة وجوه الناس. وقال : هم رمح الله وكنز الإيمان وجمجمة العرب ، يحرسون ثغورهم ويمدون أهل الأمصار (٢). وقالوا : لما هرب يزدجرد من حلوان في سنة تسع عشرة ، تكاتبت الفرس وأهل الري وقومس وإصبهان وهمذان والماهين وتجمعوا إلى يزدجرد وذلك في سنة عشرين ، فأمر عليهم مردانشاه ذا الحاجب ، وكانت عدة المشركين يومئذ ستين ألفا ويقال مئة ألف. وقد كان عمار بن ياسر كتب إلى عمر بن الخطاب بخبرهم ، فهمَّ أن يغزوهم بنفسه ، ثم خاف أن ينتشر أمر العرب بنجد وغيرها ، وأشير عليه بأن يغزى أهل الشام من شامهم ، وأهل اليمن من يمنهم ، فخاف إن فعل ذلك أن تعود الروم إلى أوطانها وتغلب الحبشة على ما يليها. فكتب إلى أهل الكوفة يأمرهم أن يسير ثلثاهم ويبقى ثلثهم لحفظ بلدهم وديارهم. (٣)
ومن ذلك تتضح أهمية الكوفة في الجبهة الشرقية للبلاد الإسلامية ، فهي مركز البعوث المهمة إلى بلدان المشرق في قبال الشام مركز البعوث المهمة إلى المغرب.
وقد حرص الخليفة عمر على ان تنضبط الكوفة ببنود سياسة الدولة القرشية حين انزل بمن يخالف سياسته منهم اعظم العقاب من اجل ان يكون نكالا لغيره ، ولا نعلم عقوبة في التاريخ الإسلامي أقسى من عقوبة عمر لصَبيغ التميمي على ذنب كذنبه ، فقد عاقبة الخليفة بنفسه لمدة يومين يضربه بعراجين النخل على ظهره وراسه حتى تفجرت الدماء منه ، ولم يكن لصبيغ ذنب سوى مخالفته لأمر عمر بعدم السؤال عن تفسير القرآن! ، وفي اليوم الثالث جاءه الخليفة ليواصل ضربه له توسل به صبيغ قائلا يا أمير
__________________
(١) البلاذري ، فتوح البلدان ، ج ٢ ص ٣٣٨.
(٢) البلاذري ، فتوح البلدان ، ج ٢ ص ٣٥٤.
(٣) البلاذري ، فتوح البلدان ، ج ٢ ص ٣٧١.