المؤمنين ان كنت تريد قتلى فاقتلني غير هذه القتلة وان كنت تريد شفائي مما بي فقد شفيت ، فعفا عنه (وحمله على قَتَب ، وكتب إلى أبي موسى الأشعري : امنع الناس من مجالسته) (١). وكتب إلى والي الكوفة منطقته مسؤوله العسكري ان يقطع عطاءه وان لا يعاشره احد ، فكان الناس إذا دخل المسجد يتحامون اللقاء به لان الخليفة قد أمر بعدم السلام عليه فهذه العقوبة لذلك الذنب مما لم يعرف نظيره في تاريخ الإسلام!
وليس من شك ان هذه العقوبة لأجل أهمية العسكر الكوفي فكل من يسمع بهذه القصة سوف يرتدع عن مخالفة أي مرسوم تصدره الدولة فيما بعد.
وهذا السياسة القاسية ليست فقط في الأمصار المستحدثة بل حتى في المدينة وهي مركز صحابة النبي صلىاللهعليهوآله حيث تذكر لنا كتب الحديث ان أبا موسى الاشعري طرق باب عمر في إحدى زياراته له ولم يجبه وانصرف أبو موسى فبعث عمر حاجبه يرفأ خلفه وارجعه ، وساله عمر هلا انتظرت ـ قال اني سمعت رسول الله «إذا استأذن أحدكم على أخيه ثلاثا فلم يجبه فلينصرف» ، قال له عمر لتأتينِّي ببيِّنة عليه أو لأُدمِيَنَّ ظهرك. (٢)
وكتب عمر إلى ولاته في الأمصار ان يلاحقوا الصحف المنتشرة لإتلافها كما في الرواية الآتية :
روى الخطيب عن سفيان بن عينة عن عمرو عن يحيى بن جعدة «ان عمر بن الخطاب أراد ان يكتب السنة ثم بدا له ان لا يكتبها ، ثم كتب في الأمصار : من كان عنده منها شيء فليمحه». (٣)
روى الخطيب أيضا عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه قال : «جاء علقمة بكتاب من مكة او اليمن صحيفة فيها أحاديث في أهل البيت بيت النبي ، فاستأذنها على عبد الله (بن مسعود) فدخلنا عليه ، قال فدفعنا إليه الصحيفة ، قال فدعا الجارية ثم دعا بطست فيها ماء فقلنا له : يا أبا عبد الرحمن انظر فيها فان فيها أحاديث حِسانا ، قال
__________________
(١) ابن كثير ، تفسير القران العظيم ، دار المعرفة بيروت ١٩٩٢ م ، ج ٧ ص ٤١٣. السيوطي ، الدر المنثور ج ٧ ص ٦١٤ ، الآلوسي ، روح المعاني ، دار الكتب العلمية بيروت ١٤١٥ هـ ، ج ١٩ ص ٣٥٧.
(٢) مسلم بن الحجاج ، صحيح مسلم ٣ / ١٦٩.
(٣) الخطيب البغدادي ، تقييد العلم ص ٥٣ ، ابن عبد البر ، جامع بيان العلم ج ١ ص ٦٥.