فجعل يميثها (١) فيها ويقول : نحن نقص عليك احسن القصص بما اوحينا إليك هذا القرآن القلوب أوعية فاشغلوها بالقرآن ولا تشغلوها بما سواه» .. وفي رواية أخرى عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه قال : «جاء رجل من أهل الشام إلى عبد الله بن مسعود ومعه صحيفة ، فيها كلام من كلام أبي الدرداء وقصص من قصصه ، فقال : يا أبا عبد الرحمن الا تنظر ما في هذه الصحيفة من كلام أخيك أبي الدرداء وقصص من قصصه ، فاخذ الصحيفة فجعل يقرأ فيها وينظر حتى أتى منزله فقال يا جارية آتيني بالإجّانة مملوءة ماء ، فجاءت به فجعل يدلكها ويقول : (الم تلك آيات الكتاب المبين ... نحن نقص عليك احسن القصص) اقصصنا احسن من قصص الله تريدون أو حديثا احسن من حديث الله تريدون». (٢)
روى الدارمي قال أخبرنا يزيد بن هارون أنا أضعث بن سوار عن الشعبي عن قُرَظة بن كعب قال : بعث عمر بن الخطاب رهطا من الأنصار إلى الكوفة فبعثني معهم فجعل يمشي معنا حتى أتى (صرار) وصرار ماء في طريق المدينة فجعل ينفض الغبار عن رجليه ثم قال : إنكم تأتون الكوفة فتأتون قوما لهم أزيز بالقرآن فيأتونكم فيقولون قدم أصحاب محمد قدم أصحاب محمد فيأتونكم فيسألونكم عن الحديث ... فأقلوا الرواية عن رسول الله وأنا شريككم فيه. قال قرظة وان كنت لأجلس في القوم فيذكرون الحديث عن رسول الله وأني لمن أحفظهم له فإذا ذكرت وصيَّة عمر سكتُّ.
قال أبو محمد (الدارمي) : معناه عندي الحديث عن أيام رسول الله. (٣)
__________________
(١) مات يميث مَيْثاً اذاب الملح في الماء.
(٢) الخطيب البغدادي ، تقييد العلم ص ٥٤. أقول : مما لا شك فيه ان قسما من هذه الصحف المتداولة قد كتبها الصحابة على عهد النبي وبإملاء منه كما يظهر من رواية السمعاني التي رواها بسنده إبراهيم بن بشر بن أبي جوالق ثنا إسماعيل بن صبيح عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر قالت أم سلمة زوج النبي صلىاللهعليهوآله صلىاللهعليهوسلم دعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم بأديم وعلي بن أبي طالب عليهالسلام عنده فلم يزل رسول الله صلىاللهعليهوآله يملي وعليٌّ يكتب حتى ملأ بطن الأديم وظهره وأكارعه ، قال السمعاني : وأمثال هذه الكتب كثيرة لو ذكرناها لطال الكتاب والمقصود أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يملي الكتب على كتابه رضياللهعنهم أجمعين (السمعاني ، أدب الإملاء والاستملاء ، دار ومكتبة الهلال ١٤٠٩ هـ ، ١). الرامهرمزي الحد الفاصل ، ط ٣ ١٤٠٤ هـ بيروت.
(٣) الدارمي ، سنن الدارمي ج ١ ص ٩٧.