«لا فقر أشد من الجهل ، ولا مال أفضل من العقل ، ولا وحدة أوحش من العجب ، ولا مظاهرة أوثق من المشاورة ، ولا عقل كالتدبير ، ولا حسب كحسن الخلق ، ولا ورع كالكف ، ولا عبادة كالتفكر ، ولا إيمان كالحياء ، ورأس الإيمان الصبر ، وآفة الحديث الكذب ، وآفة العلم النسيان ، وآفة الحلم السفه ، وآفة العبادة الفترة ، وآفة الطرف الصلف ، وآفة الشجاعة البغي ، وآفة السماحة المن ، وآفة الجمال الخيلاء ، وآفة الحب الفخر» ثم قال علي : يا بني لا تستخفن برجل تراه أبدا ، فان كان أكبر منك فعدّه أباك ، وإن كان مثلك فهو أخوك ، وإن كان أصغر منك فاحسب أنه ابنك. فهذا ما سأل على ابنه عن أشياء من المروءة». (١)
أقول : ورواه المزي ثم قال بعده قال القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا : في هذا الخبر من جوابات الحسن أباه عما سائله عنه من الحكمة وجزيل الفائدة ما ينتفع به من راعاه وحفظه ورعاه ، وعمل به ، وأدب نفسه بالعمل عليه وهذبها بالرجوع إليه ، وتتوفر فائدته بالوقوف عنده ، وفيما رواه في أضعافه أمير المؤمنين ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم مالا غنى لكل لبيب عليم ، ومدره حكيم عن حفظه وتأمله ، والمسعود من هدي لتقبله ، والمجدود من وفق لامتثاله وتقبله.
قال المزي تابعه أبو عمر خشيش بن أصرم البصري ، عن أحمد بن عبد الله الحبطي. أخبرنا به أبو الحسن ابن البخاري ، قال : أنبأنا أبو سعد ابن الصفار ، قال : أخبرنا أبو عبد الله الفزاري ، قال : أخبرنا أبو عثمان الصابوني ، قال : حدثنا الأستاذ أبو منصور محمد بن عبد الله بن حمشاذ ، قال : حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبيد الله الجرجاني ، قال : حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد المؤمن الجرجاني بجرجان ، قال : أحسب عليكم هذا الحديث بمئة حديث. (٢)
المبحث الثاني مراحل حياته عليهالسلام
ولد الحسن في ١٥ رمضان من السنة الثالثة من الهجرة وتوفي في صفر أو ربيع الأول
__________________
(١) ابن كثير ، البداية والنهاية ، ج ٨ ص ٤٠. ورواه المزي في تهذيب الكمال.
(٢) المزي ، تهذيب الكمال ج ٦ ص ٢٤١.