قال والله لقد قاربت فما حاجتك؟
قالت يا أمير المؤمنين إن مروان تبنَّك (١) بالمدينة تبنك من لا يريد منهما البراح لا يحكم بعدل ولا يقضي بسنة يتتبع عثرات المسلمين ويكشف عورات المؤمنين حبس ابن ابني فأتيتته فقال كيت وكيف فألقمه أخشن من الحجر وألعقته أمر من الصبر ثم رجعت إلي نفسي باللائمة وقلت لم لا أصرف ذلك إلى من هو أولي بالعفو منه فأتيتك يا أمير المؤمنين لتكون في أمري ناظرا وعليه معديا.
قال صدقت لا أسألك عن ذنبه ولا عن القيام بحجته اكتبوا لها بإطلاقه.
قالت يا أمير المؤمنين وأنى لي بالرجعة وقد نفذ زادي وكلت راحلتي فأمر لها براحلة موطأة وخمسة آلاف درهم. (٢)
قال ابن أبي طاهر طيفور روى ابن عائشة عن حماد بن سلمة عن حميد الطويل عن انس بن مالك قال دخلت أروى بنت الحارث بن عبد المطلب على معاوية بن أبي سفيان بالموسم وهي عجوز كبيرة.
فلما رآها معاوية قال : مرحبا بك يا خالة! كيف كنت بعدي؟
قالت : كيف أنت يا ابن أختي؟ لقد كفرت النعمة وأسأت لابن عمك الصحبة وتسميت بغير اسمك وأخذت غير حقك ، بلا بلاء كان منك ولا من آبائك في ديننا ولا سابقة كانت لكم ، بل كفرتم بما جاء به محمد صلىاللهعليهوآله فأتعس الله منكم الجدود وأصغر منكم الخدود ، ورد الحق إلى أهله ، فكانت كلمتنا هي العليا ، ونبينا هو المنصور على من ناواه ، فوثبت قريش علينا من بعده حسدا لنا وبغيا ، فكنا بحمد الله ونعمته أهل بيت فيكم بمنزلة بني إسرائيل في آل فرعون ، وكان سيدنا فيكم بعد نبينا بمنزلة هارون من موسى ، وغايتنا الجنة وغايتكم النار ...
__________________
(١) تبنك : أي تمكن.
(٢) أحمد زكي صفوت ، جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة ، مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده ط ١ ، ١٣٥٢ هـ / ١٩٢٣ م ، ج ٢ ص ٣٧٩.