وأقبل الناس على البيعة في المسجد مسرورين وازدحموا عليه يتسابقون على مس يده الشريفة وكان في مقدمتهم طلحة والزبير ، قال عليهالسلام يصف هذا المشهد :
(وبسطتم يدي فكفَفتُها ، ومددتموها فقبضتُها ، ثم تداككتم علي تداكَّ الإبل الهِيم على حياضِها يوم وِردِها ، حتى انقطعت النعلُ ، وسقط الرداء ، ووُطِئَ الضعيف وبلغ من سرور الناس ببيعتهم إيايَ أن ابتهجَ بها الصغيرُ ، وهدّج إليها الكبير ، وتحاملَ نحوها العليل ، وحسرت إليها الكعاب). (١)
أقام علي عليهالسلام أروع تجربة حكم مدني بعد النبي صلىاللهعليهوآله دامت خمس سنوات إلا ثلاثة شهور تميّزت هذه التجربة :
ـ بحاكم عالم تصرف كالأب الرحيم والأخ الكريم مع شعبه.
ـ يحكم بينهم بالعدل.
ـ ويعلمهم ما كانوا يجهلونه من سنن النبي صلىاللهعليهوآله وتفسير القرآن.
ـ ويحثهم على مراقبة الحاكم ويجرئهم على محاسبته بكل وسيلة ، ويتحمل أخطاءهم إزاءه. (٢)
وأحب الناس علياً عليهالسلام في العراق لهذا ولما عرفوا من سابقته مع النبي صلىاللهعليهوآله وما حباه الله ورسوله به من الولاية الإلهية والاصطفاء.
رد فعل قريش المسلمة السلبي من علي عليهالسلام
لم تطب قريش المسلمة نفسا بعهد علي عليهالسلام ووقفت ضده في أخطر محاولتين لتجريده من العراق والشام / مركزيْ القوة العسكرية والموارد المالية للدولة الإسلامية / ثم الإجهاز عليه لقتله.
وأحبط الله تعالى مساعيها في المعركة الأولى لوعي الكوفة ونصرتها لعلي عليهالسلام في
__________________
(١) التداك الازدحام الشديد. والإبل الهِيم : العطاش. وهدج إليها الكبير : مشى مشياً ضعيفاً مرتعشا ، والمضارع يهدج بالكسر ، وتحامل نحوها العليل تكلف المشي على مشقة. وحسرت إليها الكعاب : كشفت عن وجهها حرصاً على حضور البيعة ، والكعاب : الجارية التي قد نهد ثديها ، (شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد ج ١٣ ص ٥).
(٢) أوردنا في كتابنا شيعة العراق طرفا من ذلك.