فقال : وعليكِ السلام ، وبالرغم منكِ والله دعوتِني أمير المؤمنين.
قالت : يام أمير المؤمنين مَهْ ، فإنَّ بديهة السلطان مدحضة لما يجب علمه.
قال : صدقت. كيف حالك يا خالة؟ وكيف كنت في مسيرك؟
قالت : بخير لم أزل في عافية ، وسلامة حتى أدتني إليك الرِّكاب.
قال : أخبريني كيف كان كلامُك يوم قتل عمار بن ياسر؟
قالت : لم أكن رويته قبل ، ولا درسته بعد ، وإنها كانت كلمات نفثهن لساني حين الصدمة ، فإن أحببت أن أحدث لك مقالاً غيره فعلت.
قال : لا.
ثم التفت إلى أصحابه فقال : أيكم يحفظ كلامها؟
فقال رجل من القوم : يا أمير المؤمنين ، أنا أحفظه كحفظي سورة الحمد.
قال : هاته. قال : نعم ، كأني بها في ذلك اليوم وعليها برد زبيدي كثيف الحاشية ، وهي على جمل ، وبيدها سوط ، وهي كالفحل يهدر في شقشقته ، وهي تقول :
... هلموا ، رحمكم الله إلى الإمام العدل ، والتقيِّ الوفي ، والصدِّيق الوصي إنها إحَن بدرية ، وضغائن جاهلية ، وأحقاد أحدية ، وثب بها معاوية عند الغفلة ، ليدرك بها الفرصة من ثارات بني عبد شمس ثم قالت : (وَإِن نَّكَثُوا أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ) التوبة / ١٢.
... أيها الناس أفراراً عن ابن عم رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وزوج إبنته ، وأبي سبطيه. خُلق والله من طينته ، وتفرع من نبعته ، وخصه بسره وجعله باب مدينته ، و (علم) بحبه (المؤمنين) ، وأبان ببغضه المنافقين. (١)
__________________
(١) ابن طيفور ، بلاغات النساء ص ٥٢. أقول : في النص (وعلم بحبه المسلمين) ولكنني اخترت لفظة (المؤمنين) حيث ورد في الحديث النبوي (لا يحب عليا منافق ولا يبغضه مؤمن) ابن الاثير ، ، جامع الأصول ، مكتبة الحلواني ـ مطبعة الملاح ـ مكتبة دار البيان ١٩٧٢ م ، ج ٨ ص ٤٩٤. محمد تقي التستري ، قاموس الرجال ج ١٢ ص ٢٠٢. ابن بكار الضبي ، اخبار الوافدات من النساء ص ٢٧. ابن عبد ربه ، العقد الفريد ، ج ١ ص ٢٢٣. ابن عساكر ، تاريخ مدينة دمشق ج ٧٤ ص ١٧٢.