٣. أثارت شروط قريش حفيظة أصحاب النبي حيث خفيت عليه حكمة الصلح مما تسبب في شكهم بالنبوة وقام بعضهم بتشويشات. قال عمر : ارتبت ارتياباً لم ارتبه منذ أسلمت إلّا يومئذ ، وراجعت النبي صلىاللهعليهوآله يومئذ مراجعة ما راجعته (١) مثلها قط ، ولو وجدت ذلك اليوم شيعة (٢) ، (وفي رواية مائة على مثل رأيي) تخرج عنهم رغبةً عن القضية لخرجت. (٣)
٤. ثم أمر رسول الله المسلمين أصحبه أن يحلِقوا وينحَروا هَدْيَهم في الحِلّ ، فحلق رجال وقصَّرَ آخرون (٤) منهم عثمان بن عفان (٥). فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يرحم الله المحلِّقين. قالوا : والمقصِّرين يا رسول الله؟ قال : يرحم الله المحلقين ، قالوا : والمقصرين يا رسول الله؟ قال : يرحم الله المحلقين ، قالوا : والمقصرين يا رسول الله؟ قال عليهالسلام : والمقصرين ، قالوا : يا رسول الله فلم ظاهرت الترحم للمحلقين (٦) دون المقصرين؟ قال عليهالسلام : لأنَّهم لم يشكُّوا (٧). قال مالك بن ربيعة : وأنا محلوق يومئذ فما سرَّني حمر النَّعم أو خطر عظيم. (٨)
٥. انصرف الرسول صلىاللهعليهوآله إلى المدينة وفي الطريق نزلت سورة الفتح. روى البخاري أنَّ عمر بن الخطاب كان يسير مع النبي صلىاللهعليهوآله ليلاً فسأله عمر بن الخطاب عن شيء فلم يُجِبْهُ رسول الله صلىاللهعليهوآله ثم سأله فلم يجبه ثم سأله فلم يجبه فقال عمر : ثكلتك أُمّك يا عمر نَزَرْتَ (٩) رسول الله صلىاللهعليهوآله ثلاث مرات كل ذلك لا يجيبُك ،
قال عمر : فحركت بعيري ثم تقدمتُ أمام المسلمين وخشيت أن ينزل فيَّ قرآن ،
__________________
(١) يريد انه كان يرد عليه الكلام ولا يقبل منه.
(٢) ومنهى ذلك كان لديه استعداد لو وجد مائة على رأيه لخرج على النبي صلىاللهعليهوآله!
(٣) الواقدي ، المغازي ، ج ٢ ص ٦٠٧. أي لوجدت اناسا يؤيدوني لتركنا الصلح وتمردنا على النبي صلىاللهعليهوآله.
(٤) ابن كثير ، البداية والنهاية ج ٤ ص ١٦٩.
(٥) ابن سعد ، الطبقات الكبرى ج ٢ ص ١٠٤. واحمد بن حنبل ، مسند احمد ج ٣ ص ٨٩ حديث ١١٨٦٥.
(٦) أي لم قويت جانب المحلقين بالترحم عليهم دون المقصرين.
(٧) الطبري ، تاريخ الطبري ، ج ٢ ص ٦٣٧. وابن كثير ، البداية والنهاية ، ج ٤ ص ١٦٩. واحمد بن حنبل ، مسند احمد ، ج ١ ص ٣٥٣ حديث ٣٣١١.
(٨) ابن سعد ، الطبقات الكبرى ، ج ٢ ص ١٢٤.
(٩) أي الحَّ عليه ليكلمه فلم يكلمه واعرض عنه.