فما نَشِبْتُ (١) أن سمعت صارخاً يصرُخ بي قال : لقد خشيت أن يكون نزل فيَّ قرآن ، فجئت إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فسلمت عليه ، فقال : لقد أُنزِلت عليَّ الليلة سورة لَهِيَ أحبُّ إليّ مما طلعت عليه الشمس ثم قرأ (إنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً). (٢)
قال مُجَمَّع بن جارية : شهدت الحديبية مع رسول الله صلىاللهعليهوآله فلما انصرفنا عنها إذ الناس يوجِفون (٣) الأباعر (٤) فقال الناس بعضهم لبعض : ما للناس؟ قالوا : أوحي إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ، قال فخرجنا نوجِف مع الناس حتى وجدنا رسول الله صلىاللهعليهوآله واقفا عند كُراع الغَميم (٥) ، فلما اجتمع إليه بعض من يريد من الناس قرأ عليهم (إنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) ، قال رجل من أصحاب محمد : يا رسول الله أو فتح هو؟ قال : أي والذي نفسي بيده إنّه لفتح. (٦)
قال ابن عُقْبَة : وأقبل رسول الله صلىاللهعليهوآله من الحديبية راجعاً فقال رجل من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ما هذا بفتح ، لقد صُدِدُنا (٧) عن البيت وصُدَّ هّدْيُنا وردَّ رسول الله صلىاللهعليهوآله ، رجلين من المسلمين كانا خرجا إليه ، فبلغ رسول الله صلىاللهعليهوآله قول أولئك فقال : بئس الكلام بل هو أعظم الفتح ... (٨)
٦. قال سَلَمة بن الأكْوَع : بينما نحن قافِلون (٩) من الحديبية نادى منادي النبي صلىاللهعليهوآله : أيها الناس البيعة ، البيعة ، قال : فسرنا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو تحت شجرة سَمُرة (١٠) فبايعناه ، وذلك قول الله تعالى (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة)
__________________
(١) أي ما لبثتُ.
(٢) ابن كثير ، البداية والنهاية ، ج ٤ ص ١٧٦. المقريزي ، امتاع الأسماع ، دار الكتب العلمية بيروت ١٩٩٩ م ، ص ٣٠٢.
(٣) أي يحثون الاباعر لتسرع في السير.
(٤) أوجف دابّته : إذذا حثها على السير (لسان العرب).
(٥) اسم موضع بين مكة والمدينة.
(٦) البخاري ، صحيح البخاري بحاشية السندي ج ٢ ص ٢٠٦. وابن سعد ، الطبقات الكبرى ، ج ٢ ص ١٠٥.
(٧) صُدَّ عن البيت : أي منع من دخوله.
(٨) ابن سيد الناس ، عيون الاثر ، مؤسسة عز الدين بيروت ١٤٠٦ ـ ١٩٨٦ م ، ج ٢ ص ١٢٣.
(٩) أي راجعون.
(١٠) نوع من الشجر يستفاد من خشبة في تسقيف البيوت.