اهل العراق وكسب جانبهم ، والانصراف الى ملاحقة الخوارج في الكوفة اولا ومداراة اهل الروم في ان واحد. وبالتالي فسوف يكون غدر معاوية بعد ان حقق الحسن اهدافه كاملة من الصلح ، اما ان يتسلم الملك بعد معاوية فلم يكن الحسن يتوقعه ولم يكن ليرغب فيه بما هو ملك وامرة (١).
اما معالجة تبعة الغدر وفتح الطريق من جديد للإمامة الالهية ومشروع علي عليهالسلام فقد تركها الحسن عليهالسلام الى اخيه الحسين عليهالسلام الذي اعده الله ورسوله لها.
ليس من شك ان معاوية قد اعمى بصيرته الملك وسال لعابه له وقرر ان يستجيب للحسن ثم يغدر به بعد حين وما درى ان في هذا الغدر حتفه الى الابد
ان الحسن بطريقة التفكير هذه كان واثقا كل الثقة أنَّ اهل الشام فضلا عن شيعة أبيه سوف يستقبلون صيغته للصلح لما يرون فيها من حفظ مصالح واختيارات الجميع ونكران للذات من الحسن يشهده الجميع.
وهكذا كانت المفاجأة الكبرى من الحسن للجميع هي تنازله الشمروط عن الملك ، فان كل الذي كان يتوقعه معاوية ورجاله هو ان يرفض الحسن او يستجيب لطلبه بإيقاف الحرب وان يكون كلٌ على بلده الذي بايعه ، اما ان يكون الجواب هو التنازل عن العراق وما والاه بشروط ، فهو مما لم يكن يتوقعه معاوية ولا احد من رجاله على الاطلاق الا ان يككون الحسن ليس على سر ابيه ومنهجه (٢) وهذا ما لا يتوقع من الحسن الزكي المطهر.
وحاول معاوية ان يعدل بعض الشروط ولكن الحسن كان حاسما في موقفه :
__________________
في خضم المعركة بسهم سدده الى نحر طلحة سرا. وكذلك امره مع الحسن فانه استجاب له ووفي بشروطه عشر سنوات حاول خلالها ان يكسب ثقة العراقيين ولما اكتشف انه غير قادر على كسبهم سدد سهمه سرا الى الحسن ثم انتقم منهم علنا.
(١) أقول : إذ كان ابوه علي يقول في (أَمَا والَّذي فَلَقَ الْحَبَّةَ وبَرَأَ النَّسَمَةَ ، لَوْ لَا حُضُورُ الْحَاضِرِ وقِيَامُ الْحُجَّةِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ ، ومَا أَخَذَ الله عَلَى الْعُلَمَاءِ ، أَلَّا يُقَارُّوا عَلَى كِظَّةِ ظَالِمِ ولَا سَغَبِ مَظْلُومِ ، لأَلْقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا ولَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَاْسِ أَوَّلِهَا ولأَلْفَيْتُمْ دُنْيَاكُمْ هَذِه أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْزٍ.) نهج البلاغة تحقيق صبحي الصالح / ٥٠ (الخطبة الشقشقية) ..
(٢) أقول : وهذا هو الذي دعا العباسيين فيما بعد الى وضع روايات تجعل من الحسن على خلاف مع ابيه في قضية التصدي للامر توقيا من سفك الدماء.