في نجاح الثورة والانتفاضة وإن طالت مدّتها ، هو وجود قيادة موحّدة سرّية ، ينبعث منها الأمر والنهي ، وقد كان القوم يفقدون ذلك الأمر المهمّ.
هذه نبذة خاطفة عن انتفاضات هؤلاء في عصر معاوية ، وأمّا ما قاموا به في عصر عبدالله بن الزبير ، وخلافة عبدالملك ، وخلافة هشام بن عبدالملك ، إلى أواخر العهد الأموي ، فحدّث عنه ولاحرج ، فهي مليئة بالانتفاضات والمعارك الدموية المريرة بين فترة واُخرى ، ومن أراد الاحاطة بها فليرجع إلى مظانّها في كتب التاريخ.
إلاّ أنّا نشير إلى بعض الانتفاضات التي قام بها بعض رؤسائهم بعد عصر معاوية كنافع بن الأزرق ونجدة بن عامر الحنفي ، وغيرهم ممّن صاروا من رؤساء المذهب ، وأصحاب المنهج بين الخوارج ، فإنّ هؤلاء وإن كانوا قادة عسكريين إلاّ أنّهم كانوا أيضاً مرشدين لأتباعهم ، ولهم آراؤهم في المذهب ، وندرس كلّ ذلك ببيان فرقهم الكثيرة في الفصل القادم. وبذلك بيّنا الظروف التي كانت سبباً لنشوء المذاهب في هذه الفرقة.