ولعلّ القول الحق ما يذكره الصوافي في آخر كلامه ويقول : إنّ جماعة الاباضية كانت حريصة على التخفّي والتسترّ ولم تبد كجماعة خارجة ، وكان أوّل ظهور لها عندما راح عبدالله بن اباض يتحدّث باسمها ويبعث برسائل إلى الأمير الأموي عبدالله بن مروان ، فكان من الطبيعي أن تنسب هذه الجماعة إلى من أبدى للخليفة نفسه على أنّه صاحب الرأي والكلمة (١).
أضف إلى ذلك أنّه لم يثبت كون جابر بن زيد من الاباضية ، وسيوافيك انّه كان يصلّي خلف الحجاج ويأخذ جوائزه.
وهو الشخصية الثانية التي تتبنّاها الاباضية زعيماً ومؤسّساً لمذهبهم وقد أَطروه في كتبهم ، وقد تعرّفت على الاختلاف في ميلاده ووفاته ، فهو من رجال النصف الثاني من القرن الأوّل ، وقد طلع نجمه في هذه الفترة ، وهو عماني عاش في العراق وأمضى أكثر عمره في البصرة احدى عواصم العراق العلمية ، وإليك كلمات أهل الرجال في حقّه.
١ ـ قال أبو حاتم الرازي : جابر بن زيد أبو الشعثاء الأزدي اليحمدي روى عن ابن عباس والحكم بن عمرو وابن عمر ، روى عنه عمرو بن دينار وقتادة وعمرو بن هرم. سمعت أبي يقول ذلك.
وعن عطاء انّ ابن عباس قال : لو أنّ أهل البصرة نزلوا عند قول جابر بن زيد لأوسعهم علماً عن كتاب الله عزّوجلّ ، وقال عكرمة : كان ابن عباس يقول : هو أحد العلماء ، وعن تميم بن حدير عن الرباب قال : سألت ابن عباس عن شيء ، فقال : تسألونني وفيكم ابن زيد؟
__________________
١ ـ الدكتور صالح بن أحمد الصوافي ، الإمام جابر بن زيد : ١٦٢ ـ ١٦٣.