بحكم القرآن ».
ولقد بلغ القوم في قلّة الحياء وشكاسة الخلق إلى حدّ أنّهم فرضوا نفس التحكيم على الإمام المفترض طاعته ببيعة المهاجرين والأنصار ، ولم يبق بينه وبين الفتح والظفر على العدو إلاٌّ قاب قوسين أوأدنى أوبمقدار عدوة الفرس كمّا قاله الأشتر.
إنّهم ـ قبّح الله وجوههم ـ لم يكتفوا بهذا الحد في قلّة الأدب ، بل فرضوا عليه المحكّم ، فإن الإمام لمّا لَم يَر بدّاً من قبول التحكيم فاقترح عليهم أن يكون المحكّم من جانبه أحد الرجلين : ابن عمّه ـ عبدالله بن عباس ـ أو الأشتر.
ولكنّهم رفضوا كل ذلك وأبوا إلاّ نيابة أبي موسى الأشعري الذي خذل عليّاً عليهالسلام في بداية خلافته ، ولم يبايعه إلاّ باكثار الناس ولم يشجّع أهل الكوفة على نصره بل سكت.
يقول ابن مزاحم : قال اهل الشام : فإنّا قد رضينا واخترنا عمروبن العاص ، فقال الأشعث والقرّاء الذين صاروا خوارج فيما بعد : فانّا قد رضينا واخترنا أبا موسى الأشعري ، فقال لهم علي عليهالسلام : « إنّي لا أرضى بأبي موسى ولا أرى أن أولِّيه » فقال الأشعث وزيد بن حصين ومسعر بن فدكي في عصابة من القرّاء : انّا لا نرضى إلاّ به ، فإنّه قد حذّرنا ما وقعنا فيه ، قال علي عليهالسلام : « فإنّه ليس لي برضى ولكن هذا ابن عباس اُوّليه ذلك ، قالوا : والله ما نبالي أكنت أنت أو ابن عباس ولا نريد إلاّ رجلا هو منك ومن معاوية سواء ، قال علي : فإنّي أجعل الأشتر ، فقال الأشعث : وهل سعّر الأرض علينا غير الأشتر.