غالب على أمره (١).
إنّ الإمام خاطب أبا موسى ـ عندما بعثه إلى دُومَةِ الجندل حكماً ـ بقوله : احكم بكتاب الله ولا تجاوزه ، ولمّا ودّع أبا موسى وغادر المجلس ، قال الإمام : كأنّي به وقد خدع ، فقال عبيدالله بن أبي رافع : لماذا تبعثه وهو على هذه الفكرة؟ فقال الإمام عليهالسلام لو عمل الله في خلقه بعلمه ، ما احتجّ عليهم بالرسل (٢).
إنّ القوم فرضوا على الإمام التحكيم والمحكّم ، ولم يكتفوا بذلك بل فرضوا عليه ما كان الخصم يطلبه في تحرير وصياغة اتفاقية الصلح ، ولمّا اتفق الطرفان على كتابة الصلح وايقاف الحرب إلى أن يحكم الحكمان دعا علي عليهالسلام كاتبه ليكتب صحيفة الصلح على النحو الذي يمليه الإمام ، فقال الإمام : اكتب : « هذا ما تقاضى عليه علي أمير المؤمنين » فقال معاوية : بئس الرجل أنا إن أقررت أنّه أمير المؤمنين ثمّ قاتلته ، وقال عمرو : اكتب اسمه واسم أبيه ، إنّما هو أميركم ، وأمّا أميرنا فلا. فلمّا اُعيد إليه الكتاب أمر بمحوه ، فقال الأحنف : لا تمح اسم امرة المؤمنين عنك ، فإنّي أتخوّف إن محوتها ألاّ ترجع إليك أبداً لا تمحها ، وإن قتل الناس بعضهم بعضاً. فأبى مليّاً من النهار أن يمحوها ، ثمّ إنّ الأشعث بن قيس جاء ، فقال : امح هذا الاسم. فقال علي : لا إله إلاّ الله والله أكبر ، سنّة بسنّة ، أما والله لعلى يدي ، دار هذه الأمر يوم الحديبية حين كتبت الكتاب عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « هذا ما تصالح عليه
____________
١ ـ نصر بن مزاحم : وقعة صفّين ٦١٧. ابن أبي الحديد : شرح نهج البلاغة ٢ / ٢٤٩.
٢ ـ ابن شهر آشوب : مناقب آل أبي طالب ٢ / ٢٦١.