غير فرق بين الكبيرة والصغيرة ، وذهبت النجدية إلى أنّ مرتكب الكبيرة مشرك ، وأمّا الصغائر فلا ، فهاتان الطائفتان من متطرّفة الخوارج ، تتّفقان في كون ارتكاب الكبائر موجباً للشرك والكفر ، ويختلفان في الصغائر ، فتراها الأزارقة مثل الكبائر دون النجدية.
وذهبت الاباضية إلى كون الارتكاب كفراً لاشركاً ، والكفر عندهم أعم ، من كفر الجحود وكفر النعم ، فمرتكبها من المؤمنين كافر كفر النعمة لاكفر الجحود.
وذهبت المعتزلة إلى أنّ مرتكب الكبيرة في منزلة بين المنزلتين لا مؤمن ولا كافر فضلاً عن كونه مشركاً. نعم اتّفقت المعتزلة والخوارج على كونه مخلَّداً في النار إذا مات غير تائب ، وذهبت الإمامية والأشاعرة واهل الحديث إلى كون مرتكب الكبيرة مؤمناً فاسقاً غير مخلّد في النار.
هذه هي الأقوال والاّراء البارزة في المقام ، ولنركّز البحث في الجهات الثلاثة ونجعل الجميع مسألة واحدة ، فإنّ كلّ واحدة ، وجه لعملة واحدة ، وإن كان للعملة الرائجة وجهان :
قد عرفت أنّ الأزارقة ذهبت إلى أنّ المعاصي كلّها شرك ومرتكبها مشرك (١) ولأجل تحليل هذا القول نذكر ما هو حدّ الشرك ومحقّقه ، فنقول : لو افترضنا أنّ مرتكب الكبيرة كافر ، لا يصحّ لنا توصيفه بالشرك ، فإنّ للشرك معنىً محدّداً لا ينطبق على مرتكب الكبيرة إلاّ في ظروف خاصّة وهي خارجة عن موضوع البحث ، وتوضيح ذلك بوجهين :
__________________
١ ـ صالح أحمد الصوافي : الإمام جابر بن زيد العماني : ٢٥٢.