و أنت امرتَ بقتل الإمام |
|
و قاتله عندنا من امر |
وتواتر عليه الرمي فاتصل فحّرك فرسه ، وزال عن موضعه وأتى عليّاً عليهالسلام فقال : ما تنظر يا أمير المؤمنين وليس عند القوم إلاّ الحرب.
فقام علي في الناس خطيباً ورافعاً صوته يقول : أيّها النّاس إذا هَزَمتموهم فلا تُجْهِزوا على جريح ولاتَقْتلوا أسيراً ، ولاتتبعوا مولّياً ، ولاتطلبوا مُدْبراً ، ولاتكشفوا عورة ولاتمثلوا بقتيل ، ولاتهتكوا ستراً ، ولاتقربوا شيئاً من أموالهم إلاّ ما تجدونه في عسكرهم من سلاح ، أوكراع ، أوعبد أو أمة ، وما سوى ذلك فهو ميراث ورثتهم على كتاب الله.
ثمّ إنّ عليّاً نادى كلاّ من الزبير وطلحة وكلّمهما وأتمّ عليهما الحجة فقال للأوّل : أما تذكر قول رسول الله عندما قلت له : اِنّي أحبُّ عليّاً ، فأجابك إنّك والله ستقاتله وأنت له ظالم ، وقال للثاني : أما سمعت قول رسول الله يقول : الّلهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وأنت أوّل من بايعتني ثم نكثت ، وقد قال الله عزوجل : ( فَمَنْ نَكَثَ فَإنَّما يَنْكِثُ عَلى نَفْسِهِ ).
ثمّ رجع علي إلى موضعه ، وبعث إلى والده محمّد بن الحنفية وكان صاحب رايته وقال : « احمل على القوم » فلم يرمنه النجاح والظفر فأخذ الراية من يده ، فحمل وحمل الناس معه فما كان القوم إلاّ كرماد اشتدَّت به الريح في يوم عاصف وأطاف بنوضبّة بجمل عائشة وأقبلوا يرتجزون.
نحن بنوضبَّة اصحابَ الجمل |
|
رُدّوا علينا شيخنا ثم بجل |
ننعي ابن عفان باطراف الأسل |
|
والموت أحلى عندنا من العسل |