لخمس خلون من شوال سنة ست وثلاثين ، واستخلف على الكوفة أبا مسعود ، عُقْبة بن عمرو الأنصاري ، فاجتاز في مسيره بالمدائن ، ثمّ أتى الأنبار حتى نزل الرقة فعقدله هنالك جسر فعبر إلى جانب الشام ، وقد اختلف في مقدار من كان معه من الجيش ، والمتّفق عليه من قول الجميع تسعون ألفاً.
وسار معاوية من الشام إلى جانب صفّين ، وقد اختلف من كان معه ، والمتّفق عليه من قول الجميع خمسة وثمانون ألفاً (١).
خرج معاوية من الشام وقدم صفّين وغلب على الماء ، ووكّل أبا الأعور السلمي بالشريعة في أربعين ألفاً ، وبات علي وجيشه في البرّ عطاشى ، قد حيل بينهم وبين الورود ، فقال عمروبن العاص لمعاوية : إنّ عليّاً لا يموت عطشاً ومعه تسعون ألفاً من أهل العراق دعهم يشربون ونشرب ، فقال معاوية : لا والله أويموت عطشاً كما مات عثمان.
دعا علي بالأشتر فبعثه في أربعة آلاف من الخيل والرجالة ، ثمّ سار عليّ وراء الأشتر بباقي الجيش ، فما ردّ وجهه أحد حتى هجم على عسكر معاوية ، فأزال أبا الأعور عن الشريعة ، وغرق منهم بشراً وخيلا. وتراجع جيش معاوية عن الموضع الذي كان فيه ، فقال معاوية لعمروبن العاص : أترانا ليمنعنا الماء كمنعنا إيّاه ، فقال له عمرو : لا ، لأنّ الرجل جاء لغير هذا ، فأرسل إليه معاوية يستأذنه في ورود مشرعته واستقائه الماء في طريقه ، ودخول رُسُله في عسكره ،
__________________
١ ـ المسعودي : مروج الذهب ٣ / ١٢١.