أكبر كلمة كانت تصدر من أفواه الخوارج هو تكفير عليّ لأجل قبول التحكيم وكأنّه خطيئة وارتكاب الخطيئة عندهم كفر ، كما هو أحد اُصولهم التي نبحث عنها عند عرض عقائدهم ، ويكفي في ذلك ما نقله الطبري في مذاكرة علي مع حرقوص بن زهير السعدي ، وزرعة بن برج الطائي ومرّ النصّ في أوّل الفصل السابق.
وإلى هذا يشير الإمام في بعض كلامه حيث قال لهم :
« أصابكم حاصِب (١) ولابقى منكم آبِر (٢) ، أبعد إيماني بالله ، وجهادي مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أشْهَدُ على نفسي بالكفر؟ لقد ضللت اِذاً وما أنا من المهتدين ، فاوبوا شرّمآب ، وارجعوا على أثر الأعقاب ، أما انّكم ستلقون بعدي ذلاّ شاملا وسيفاً قاطعاً وإثرة (٣) يتخذها الظالمون فيكم سنّة » (٤).
والمدهش من أخبارهم انّهم كانوا يقتلون المسلمين ويجيرون المشركين واهل الكتاب.
روى المبّرد في كامله : إنّ القوم مضوا إلى النهروان ، وقد كانوا أرادوا المضي إلى المدائن فأصابوا في طريقهم مسلماً ونصرانياً ، فقتلوا المسلم ، لأنّه عندهم كافر ، إذكان على خلاف معتقدهم ، واستوصوا بالنصراني وقالوا :
__________________
١ ـ الحاصب : الريح الشديدة التي تثير الحصباء.
٢ ـ الآبر : الذي يأبّر النخل أي يصلحه.
٣ ـ الاثرة : الاستبداد عليهم بالفئ والغنائم ، قال : النبي للأنصار : « ستلقون بعدي إثرة فاصبروا حتى تلقوني ».
٤ ـ الرضي : نهج البلاغة ، الخطبة ٥٨.