( وفضَّلَ اللهُ الُمجاهِدِيْنَ عَلَى القاعِدِيْنَ اَجْراً عَظِيماً ) (١) فتفضيله المجاهدين على القاعدين لايدفع منزلة من هو دون المجاهدين ، أو ماسمعت قوله تعالى : ( لا يَسْتَوِى القاعِدُونَ مِنَ الْمُؤمِنِينَ غَيْرُ أُولِى الضَّرَر ) (٢) فجعلهم من المؤمنين وفضّل عليهم المجاهدين بأعمالهم ، ثمّ إنّك لاتؤدّي أمانةً إلى من خالفك ، والله تعالى قد أمر أن تودّي الأمانات إلى أهلها ، فاتّق الله في نفسك ، واتّق يوماً لا يجزي فيه والد عن ولده ، ولا مولود هو جاز عن والده شيئاً ، فإنّ الله بالمرصاد ، وحكمه العدل ، وقوله الفصل ، والسَّلام.
أمّا بعد : أتاني كتابك تعظني فيه ، وتذكّرني وتنصح لي وتزجرني ، وتصف ما كنتُ عليه من الحق ، وماكنتُ اُوثره من الصواب ، وأنا أسأل الله أن يجعلني من القوم الذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه.
وعبت على مادِنْتُ ، من إكفار القعدة وقتل الأطفال ، واستحلال الأمانة من المخالفين ، وساُفسّرلك لِمَ ذلك إن شاء الله ....
أمّا هؤلاء القعدة ، فليسوا كمن ذكرت ممّن كان على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لأنّهم كانوا بمكّة مقهورين محصورين لا يجدون إلى الهرب سبيلا ، ولا إلى الاتّصال بالمسلمين طريقاً ، وهؤلاء قد تفقّهوا في الدين ، وقرأوا القرآن ، والطريق لهم نهج واضح. وقد عرفت ما قال الله تعالى فيمن كان مثلهم ، قالوا : ( كُنّا مُسْتَضْعَفِينَ فِى الأرْضِ ) (٣). فقال : ( ألَمْ
__________________
١و٢ ـ النساء : ٩٥.
٣ ـ النساء : ٩٧.