وهما شريكاك في الأمر والشورى ، وناظراك في الاسلام ...
وكتب إلى محمّد بن مسلمة يتّهمه بخذلان عثمان ويقول « .... فهّلا نهيتَ أهلَ الصلاة عن قتل بعضهم بعضاً أوترى أنّ عثمان وأهل الدار ليسوا بمسلمين .... » (١).
فهذه الاُمور تعرب عن تخطيطاته الخادعة التي حفظ التاريخ بعضها فكان يُعْمِي الأبصار والقلوب بأكاذيبه ورسائله ، فتارة يبايع الزبير وطلحة ، ولمّا فشل أمرهما ، صار يُقدِّم عبدالله بن عمر في أمر الخلافة لولا أنّه خذل عثمان ولم ينصره ، كل ذلك لعكر الصفو وإحداث الصدع.
إنّ ابن عمر ـ مع سذاجته ـ وقف على نوايا معاوية ، فكتب إليه بكلمة صادقة ، وقال : ما أنا كعلي في الإسلام ، والهجرة ، ومكانه من رسول الله.
ويجيب سعد بن أبي وقّاص رسالة معاوية بقوله : إن أهل الشورى ليس منهم أحقُّ بها من صاحبه غير أنّ عليّاً كان من السابقة ، ولم يكن فينا مافيه ، فشاركنا في محاسننا ، ولم نشاركه في محاسنه ، وكان أحقَّنا كلّنا بالخلافة.
ويجيب محمّد بن مسلمة ، كتاب معاوية ويفشي سرّه ويقول بعد كلام : « ولئن نصرتَ (يا معاوية) عثمان ميّتاً ، لقد خذَلْته حيّاً » (٢).
بلغ عليّاً سعي معاوية لإثارة الفتنة بنشر الأكاذيب بين الشاميين وتعمية القلوب ، فعمد إلى إخمادها قبل اشتعالها وكان الإمام على بيّنة من ربّه ، وكيف لا وهو الإمام المنتخب ببيعة الأنصار والمهاجرين ، والخارج عليه ، خارج على
__________________
١ ـ ابن قتيبة الدينوري : الإمامة والسياسة ١ / ٩٢ ـ ٩٣.
٢ ـ ابن قتيبة الدينوري : الإمامة والسياسة ١ / ٩٣ ـ ٩٤.