به في مختلف أدوار التاريخ ، ولم تسكت الألسنة الآمرة بالمعروف ، الناهية عن المنكر ، ولم تكفّ الأيدي الثائرة في أيّ فترة من فترات الحكم المنحرف .... وقد استشهد في هذا السبيل عدد من أفذاذ الرجال ، ويكفي أن أذكر الأمثلة لاُولئك الثائرين على الانحراف والفساد : شهيد كربلاء الإمام الحسين سبط رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعبدالله بن الزبير نجل ذات النطاقين ، وسعيد بن جبير ، وزيد بن علي بن الحسين ، وكلّ واحد من هؤلاء يمثّل ثورة عارمة من الاُمّة المسلمة على الحكم الظالم ، والخروج عليه ومدافعته حتى الاستشهاد (١).
قد اتّخذ الاباضيون « التولّي » و« التبرّي » نحلة ولهما أصل في الكتاب والسنّة وهما ممّا يعتنقه كل مسلم اجمالا ، ولكن التفسير الاباضي لهذين المفهومين يختلف تماماً مع تفسير الجمهور ، وإليك بيانه بنقل نصوصهم من كتبهم :
« أصل الولاية ، الموافقة في الدين ، فكل من وافقك في الدين فهو وليّك ، سواء علمت بموافقته أو جهلتها ، أو برئتَ منه بالظاهر ، لحدث عرفته منه وهو قد تاب ورجع عنه ، فالملائكة عليهمالسلام أولياؤنا لأنّهم موافقوننا في أصل الامتثال ، وكذلك أهل الطاعة من الاُمم السالفة ، فإنّه وإن اختلفت الأوامر بالنظر لاختلاف الشرائع ، فالدين عندالله الإسلام أي الانقياد لأحكامه مطلقاً.
فاعلم انّ ممّا يدين به المسلمون وهو لازم لهم ، الولاية لأولياء الله والحب لهم ، والبغض لأعداء الله والبراءة منهم. فولاية من اتّصف بالإيمان فرض
__________________
١ ـ علي يحيى معمّر : الاباضية بين الفرق الإسلامية ١ / ١٨٣.