الحقوق ، والقيام بما هو من مصالح المسلمين واعزاز كلمتهم ، أوكد وأوجب (١).
إنّ ما ذكره لاتدعمه سيرة الأباضية في القرون الاُولى ويكفي في ذلك ما ذكره المؤرّخون في حق أبي يحيى عبدالله بن يحيى طالب الحق ، قالوا : إنّه كتب إلى عبيدة بن مسلم بن أبي كريمة وإلى غيره من الاباضية بالبصرة يشاورهم بالخروج ، فكتبوا إليه : إن استطعت ألاّ تقيم إلاّ يوماً واحداً فافعل ، فأشخص إليه عبيدةُ بن مسلم أبا حمزة المختار بن عوف الأزدي في رجال من الاباضية فقدموا عليه حضرموت ، فحثّوه على الخروج ، وأتوه بكتب أصحابه ، فدعا أصحابه فبايعوه فقصدوا دار الامارة إلى آخر ما سيوافيك بيانه من حروبه مع المروانيين وتسلّطه على مكّة والمدينة.
وأظنّ انّ ما يكتبه علي يحيى معمّر في هذا الكتاب وفي كتاب « الاباضية في موكب التاريخ » دعايات وشعارات لصالح التقارب بين الاباضية وسائر الفرق خصوصاً أهل السنّة ، ولأجل ذلك يريد أن يطرح اُصول الاباضية بصورة خفيفة حتى يتجاوب مع شعور أهل السنّة ، تلك الأكثرية الساحقة ، وأوضح دليل على أنّهم يرون الخروج واجباً مع القدرة والمنعة بلا اكتراث ، إنّهم يوالون المحكّمة الاُولى ويرون أنفسهم اخلافهم والسائرين على دربهم ، وهم قد خرجوا على عليٍّ بزعم أنّه خرج بالتحكيم عن سواء السبيل.
وأظنّ انّ هذا الأصل أصل لامع في عقيدة الخوارج والاباضية بشرطها وشروطها ، وأنّ التخفيض عن قوّة هذا الأصل دعاية بحتة.
والعجب أنّه يعترف بهذا الأصل في موضع آخر من كتابه ويقول : إنّ الثورة على الضلم والفساد والرشوة ومايتبع ذلك من البلايا والمحن ، إنّما هو المنهج الذي جاء به الإسلام ودعا إليه المسلمين ، ودعا المسلمون إليه ، وقاموا
__________________
١ ـ علي يحيى معمّر : الاباضية بين الفرق الإسلامية ٢ / ٥٣ ـ ٥٤.