وقول الآخر :
وكنّا ناظريك بكل فجّ |
|
كما للغيث ينتظر الغماما |
وقد نظرتكم أعشى بخامسة |
|
للورد طال بها حبّي وتبساسي (١) |
إنّ المترقّب من الأباضية الذين رفضوا القشرية ، وخضعوا للعقل ، أن يكون موقفهم في خلق القرآن موقف العدلية ويصرّحوا بأنّ القرآن مخلوق لله سبحانه وحادث بعد أن لم يكن ، لكونه حادثاً ومخلوقاً لله سبحانه غير أنّ الظاهر من بعض كتّابهم أنّهم يتحرّجون من التصريح بخلق القرآن وإن كانوا بعداء عن القول بكونه قديماً غير مخلوق. وننقل في المقام نصّين من كتّابهم ، حتى تلمس الحقيقة.
١ ـ يقول الدكتور رجب : وبالنسبة لمشكلة خلق القرآن نراهم يقفون أمام هذا القول الذي فرضه المأمون على العالم الإسلامي فرضاً بتأثير من المعتزلة ، ممّا أدّى إلى تمزيق وحدة الاُمّة الفكرية ، وإلى اضطهاد كثير من العلماء والفقهاء ، ولذلك توقّف العمانيون عن القول بخلق القرآن ، وقالوا في صراحة واضحة في واحد من أهمّ كتبهم الفقهية : « لا يلزم الناس معرفة هذه المسألة » وكتب أبو عبدالله القلهاتي الذي عاش في القرن الرابع للهجرة ـ العاشر للميلاد ـ أكثر من عشرين صفحة في مناقشة القول بخلق القرآن والردّ على من قال بذلك ، كما كتب أحمد بن نظر العماني الذي عاش في القرن الخامس للهجرة
__________________
١ ـ المصدر نفسه ، وقد اغرق نزعاً في التحقيق في اثبات القول الحق وتنزيهه ، والتبساس : هو الشوق الشديد.