ـ الحادي عشر للميلادـ في كتابه دعائم الإسلام خمسة وسبعين بيتاً من الشعر ، فندّد القول بهذه المسألة واستنكرها كل الاستنكار. وفي العصر الحديث نجد الشيخ نورالدين السالمي يعبّر عن هذا الموقف قائلا : « إنّ الأشياخ توقّفوا عن اطلاق القول بخلق القرآن وأمروا بالشدة على من أطلق القول في هذه المسألة ، حتى لايفتتن الناس في دينهم » (١).
ترى في هذا الكلام التناقض ، فبينما ينقل عن بعضهم الرد على من قال بخلق القرآن ينقل عن الأشياخ انّهم توقّفوا عن اطلاق القول بخلق القرآن ، وأمروا بالشدّة على من أطلق القول في هذه المسألة.
لاشكّ إنّ القرآن ليس بمخلوق أي ليس بمختلق للبشر كما قال سبحانه حاكياً عن بعض المشركين : ( إنْ هذا إلاّ قَوْلُ البَشَرِ ) (٢) ولكنّه مخلوق لله سبحانه ، إذ لايتجاور كون القرآن فعله ، وفعله كلّه حادث غير قديم ، وإلاّ يلزم تعدّد القدماء وأما علمه سبحانه بما في القرآن من المضامين والمعارف والحوادث فلاشك إنّه قديم ، وهو غير كلامه.
فاللائق بمن يصف نفسه بأنّه أهل تقييد لاتقليد أن يصرّح بموقفه في مسألة خلق القرآن ، اللّهم إلاّ إذا كان موجباً للفتنة أو كانت عقول الناس بعيدة عن درك الحقيقة ، فحينئذ الأولى عدم البحث والطرح.
ونؤكّد من جديد أنّ القول بعدم قِدم القرآن هو من الاُصول الوضّاءة في عقائد الاباضية ، وهم في الاعتقاد بها عيال على المعتزلة ، فاللائق بالكاتب الواعي أن يجهر بالحق ويحدّد محل النزاع ، وياللأسف انّ بعضهم ـ مثل الكاتب السابق ـ بدل أن يخرج من المسألة مرفوع الرأس ، ويحقّقها على ضوء
__________________
١ ـ الدكتور رجب محمّد عبدالحليم : الأباضية في مصر والمغرب : ٧٠ ـ ٧١.
٢ ـ المدثر : ٢٥.