يقول أبو الحسن الأشعري : « والاباضية لاترى اعتراض الناس بالسيف لكنّهم يرون ازالة أئمّة الجور ومنعهم من أن يكونوا أئمّة بأيّ شيء قدروا عليه بالسيف أو بغيره » (١).
وربّما ينسب إليهم أمر غير صحيح ، وهوأنّ « الاباضية لايرون وجوب اقامة الخلافة » (٢).
إنّ وجوب الخروج على الإمام الجائر أصل يدعمه الكتاب والسنّة النبوية وسيرة أئمّة أهل البيت إذا كانت هناك قدرة ومنعة ، وهذا الأصل الذي ذهبت إليه الاباضية بل الخوارج عامّة ، هو الأصل العام في منهجهم ، ولكن نرى أنّ بعض الكتّاب الجدد من الاباضية الذين يريدون ايجاد اللقاء بينهم وبين أهل السنّة يطرحون هذا الأصل بصورة ضئيلة.
يقول علي يحيى معمر : إنّ الاباضية يرون أنّه لابدّ للاُمّة المسلمة من اقامة دولة ونصب حاكم يتولّى تصريف شؤونها ، فإذا ابتليت الاُمّة بأن كان حاكمها ظالماً ، فإنّ الاباضية لايرون وجوب الخروج عليه لاسيّما إذا خيف أن يؤدّي ذلك إلى فتنة وفساد أو أن يترتّب على الخروج ضرر أكبر ممّا هم فيه ، ثم يقول : إذا كانت الدولة القائمة جائرة وكان في امكان الاُمّة المسلمة تغييرها بدولة عادلة دون احداث فتن أكبر تضّر بالمسلمين فإنّهم ينبغي (٣) لهم تغييرها. أمّا إذ كان ذلك لايتسنّى إلاّ بفتن واضرار فإنّ البقاء مع الدولة الجائرة ومناصرتها في حفظ الثغور ومحاربة أعداء الاسلام ، وحفظ
__________________
١ ـ الأشعري : مقالات الإسلاميين : ١٨٩.
٢ ـ علي يحيى معمّر : الاباضية بين الفرق الإسلامية : ٢ / ٥٣ ـ ٥٤.
٣ ـ إنّ الرجل لتوخّي المماشاة مع أهل السنّة يعّبر عن مذهبه بلفظ لايوافقه ، بل عليه أن يقول مكان « ينبغي » « يجب ».