تضيق عليه الأرض ، فهو بعيد عن سماحة الإسلام ، كيف وقد قال سبحانه حاكياً عن حملة العرش الذين يستغفرون للذين تابوا واتّبعوا سبيله : ( رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شىْء رَحْمَةً ) (١) وقال سبحانه : ( ولا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ اِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ اِلاّ القَوْمُ الكافِرُونَ ) (٢) وقال سبحانه : ( قالَ ومنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ اِلاّ الضّالُّونَ ) (٣) وقال سبحانه : ( قُلْ يا عِبادِىَ الَّذِينَ اَسْرَفُوا عَلى اَنْفُسِهِمْ لا تَقنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ الله إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُنُوبَ جَمِيعاً اِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحيِمُ ) (٤).
فأين هذه الوعود ودعوة العصاة إلى حظيرة الغفران والنهي عن اليأس من روح الله ممّا جاء في كلام هذا القائل؟ فالاباضية وإن كانوا غير متطرّفين في مسلكهم لكن في التبرّي عن العاصي في جميع الأحوال والظروف على النحو الذي سمعت نوع تطرّف كما لايخفى.
على أنّ هذا النحو من التبرّي الوارد في كلام القائل يناسب العيشة القبلية ، والاجتماعات الصغيرة ، ولايتمشّى أبداً مع الاجتماعات الكبيرة التي تضم الفسّاق ، إلى العدول في جميع الأندية والمجالس كما لايخفى.
ثمّ إنّه لو ثبت كون رجل عدوّاً من أعداء الله لارتكابه الكبائر أو لإرتداده عن الدين ، فليس لآحاد الاُمّة القيام بإجراء الحدّ عليه ، وإنّما واجب الآحاد هو التبرّي منه ، ومن فعله ، روحاً وجسداً ، وأمّا إجراء الحدّ عليه فإنّما هو على
__________________
١ ـ غافر : ٧.
٢ ـ يوسف : ٨٧.
٣ ـ الحجر : ٥٦.
٤ ـ الزمر : ٥٣.