وصاحب بدعة » (١).
فعلى ذلك فوجوب التبرّي رهن شروط نشير إليها :
١ ـ أن يحتمل كون التبرّي مؤثّراً في ارجاعه عن المعصية كما عرفت ، وإلاّ فلايجب كما هو الحال في جميع مراتب الأمر بالمعروف.
٢ ـ إن لايكون اظهار التبرّي موجباً لتماديه في الغي ، وانكبابه على الإثم ، فإنّ إيجاب التبرّي في ذلك ينتج نقيض المطلوب.
٣ ـ يكفي في التبرّي ، الاعراب عمّا في ضمير المتبرّي من كونه كارهاً لعمله ، بلا حاجة إلى اعمال الغلظة والشدّة كما في كلام القائل.
ثمّ الآيات والروايات الدالّة على التبرّي واردة في حقّ الكفّار والعصاة المتمادين في الغي ، لامن عصى مرّة واحدة ويبدو أنّه سوف يرجع ويستغفر.
وأمّا ما ذكره القائل في كيفية التبرّي فليس عليه دليل بل الدليل على خلافه ، لأنّ المعاملة مع العصاة على النحو الذي ذكره القائل لم يكن رائجاً في عصر الرسول ، إلاّ في حقّ العتاة المتمادين في الغي ، أو المتخلّفين عن الزحف ، وقد ورد في حقّهم قوله سبحانه : ( وعلَى الثَّلاثّةِ الَّذِينَ خُلَّفُوا حَتّى إذا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِما رَحُبَتْ وضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وظنُّوا أَنْ لامَلْجَأ مِنَ اللهِ إلاّ اِلَيْهِ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا اِنَّ اللهِ هُوَ التَّوَابُ الرَّحِيمُ )(٢). ترى أنّ الغلظة والشدّة كانت في حقّ هؤلاء الثلاثة الذين تخلّفوا عن الجهاد في الوقت الذي كان الرسول في أشدّ حاجة إلى المجاهد الصادق ، فنزل الوحي بالضغط وايجاد الضيق عليهم حتى يصلوا إلى مرتبة تضيق عليهم أرض المدينة بما رحبت.
وأمّا المعاملة لكلّ عاص ولو مرّة واحدة بهذا النحو والضغط عليه حتى
__________________
١ ـ حسين النوري : المستدرك ، الجزء ٩ ، الباب ١٣٤ من أبواب أحكام العشرة ، الحديث ١.
٢ ـ التوبة : ١١٨.