من كتاب نجدة إلى نافع ومن اجابة الثاني.
قال المبرّد : إنّ أصحاب « نجدة » رأوا أنّ نافعاً قد كفَّر القعدة ورأى الاستعراض وقتل الأطفال ، انصرفوا مع نجدة ، فلمّا صار نجدة باليمامة كتب إلى نافع.
أمّا بعد : فإنّ عهدي بك وأنت لليتيم كالأب الرحيم ، وللضعيف كلأخ البّر ـ تعاضد قوي المسلمين ، وتصنع للأخرق منهم ـ لا تأخذك في الله لومة لائم ، ولاترى معونة ظالم ، كذلك كنت أنت واصحابك. أو ما تذكّر قولك : لولا انّي أعلم أنّ للإمام العادل أجر رعيّته ، ماتولَّيتُ أمر رجلين من المسلمين. فلمّا شريت نفسك في طاعة ربّك ابتغاء مرضاته ، وأصبت من الحق فصّه (١) ، وركبت مُرّه ، تجرّد لك الشيطان ، ولم يكن أحد أثقل عليه وطأةً منك ومن أصحابك ، فاستمالك واستهواك وأغواك ، فُغُوِيْتَ ، وأكفرت الذين عذرهم الله تعالى في كتابه ، من قعدة المسلمين وضَعَفَتهم ، قال الله عزّوجلّ ، وقوله الحق ، ووعده الصدق : ( لَيْسَ عَلى الضُّعَفاءِ ولا عَلَى الْمَرْضى ولا عَلَى الَّذِيْنَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إذا نَصَحُوا للهِ ورسُولِهِ ) (٢) : ثمّ سمّاهم تعالى أحسن الأسماء فقال : ( ما عَلَى الُْمحْسِنِينَ مِنْ سَبِيل ) (٣) ثم استحللت قتل الأطفال ، وقد نهى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن قتلهم ، وقال الله جلّ ثناؤه : ( ولا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ اُخْرى ) (٤) ، وقال سبحانه في القعدة خيراً ، فقال :
__________________
١ ـ فصّه : كنهه.
٢و٣ ـ التوبة : ٩١.
٤ ـ الاسراء : ١٥.