ورد مدينة الرسول ، استباح أموالهم ونفوسهم وأعراضهم ثلاثة أيام ، فقتل في ذلك آلافاً من الأبرياء ونهبت الأموال واستبيحت الأعراض إلى درجة لم يذكر التاريخ إلى يومه مثيلا لها ، ثمّ توجّه مسلم إلى مكّة للسيطرة عليها ، فلم يصل إليها حيّاً. ومات في أثناء الطريق ، فتولّى القيادة بعده الحصين بن النمير السكوني ، وحاصر مكّة ، وفي أثناء المحاصرة ورد نعي يزيد في ربيع الآخر عام ٦٤ ، فاضطرّ الحصين إلى العودة إلى الشام ، ولمّا هلك يزيد ، قام بأعباء الخلافة معاوية بن يزيد ، ولكّنه مات بعد أن خلع نفسه عن الخلافة ، فرأى البيت الأموي خطورة الموقف ، فأجمعوا على البيعة لمروان بن الحكم ، وانتقل الملك من البيت السفياني إلى البيت المرواني عام ٦٥ ، وكان ابن الزبير مستولياً على الحجاز عامّة وفي ضمن ذلك ، الحرمان الشريفان.
وقد استغلّت الخوارج تلك الظروف الحرجة بعدما لاقوا من عبيدالله بن زياد مالاقوا وقرّروا الانظمام لعبدالله بن الزبير لمحاربة الشاميين :
قال الطبري : لمّا ركب ابن زياد من الخوارج بعد قتل أبي بلال ماركب ، وقد كان قبل ذلك لايكف عنهم ولايستبقيهم ، غير أنّه بعد ما قتل أبا بلال ، تجرّد لاستئصالهم وهلاكهم واجتمعت الخوارج حين ثار ابن الزبير بمكة ... فقال نافع بن الأزرق للخوارج : إنّ الله قد أنزل عليكم الكتاب ، وفرض عليكم فيه الجهاد ، واحتجّ عليكم بالبيان ، وقد جرّدَ فيكم السيوف أهلُ الظلم ، واُولوا العدى والغشم ، وهذا من قد ثار بمكة ، فاخرجوا بنا نأتي البيت ، ونلقي هذا الرجل فإن يكن على رأينا جاهدنا معه العدو ، وإن كان على غير رأينا ، دافعنا عن البيت ما استطعنا ، ونظرنا بعد ذلك في اُمورنا ، فخرجوا حتى قدموا على