عبدالله بن الزبير ، فسرّ بمقدمهم ونبَّأهم أنّه على رأيهم ، وأعطاهم الرضا من غير توقّف ولا تفتيش ، فقاتلوا معه حتى مات يزيد بن معاوية وانصرف أهل الشام عن مكّة.
ثمّ إنّ القوم لقى بعضهم بعضاً فقالوا : إنّ الذي صنعتم أمس بغير رأي ولا صواب من الأمر ، تقاتلون مع رجل لاتدرون لعلّه ليس على رأيكم ، إنّما كان أمس يقاتلكم هو وأبوه ينادي : يالثارات عثمان ، وسلوه عن عثمان ، فإن برئ منه كان وليّكم ، وإن أبى كان عدوّكم. فمشوا له فقالوا له : أيّها الإنسان إنّا قاتلنا معك ولم نفتّش عن رأيك ، أمنّا أنت أم من عدوّنا فأخبرنا : ما مقالتك في عثمان؟
فنظر فإذا من حوله من أصحابه قليل ، فقال لهم : إنّكم أتيتموني ، فصادفتموني حين أردت القيام ، ولكن روحوا إليّ العشيّة ، حتى اعلمكم من ذلك الذي تريدون ، فانصرفوا ، وجاءت الخوارج وقد أقام أصحابه حوله وعليهم السلاح ، وقامت جماعة منهم عظيمة على رأسه ، بأيديهم الأعمدة ، فقال ابن الأزرق لأصحابه : خشى الرجل غائلتكم وقد ازمع بخلافكم ، واستعدّ لكم ماترون. فدنا منه ابن الأزرق فقال له : يا ابن الزبير اتّق الله ربّك وابغض الخائن المستأثر ، وعادِ أوّل من سنّ الضلالة وأحدث الأحداث ، وخالف حكم الكتاب ، فإنّك إن تفعل ذلك ، ترضي ربّك ، فتنج من العذاب الأليم نفسك ، فإن تركت ذلك ، فأنت من الذين استمتعوا بخلاقهم وأذهبوا في الحياة الدنيا طيّباتهم.
ثمّ أمر ابن الأزرق عبيدة بن هلال أن يتكلّم عنهم بما يريدون ، فقال : إنّ الناس استخلفوا عثمان بن عفان فحمى الحمى ، فآثر القربى ، واستعمل الفتى ، ورفع الدرة ، ووضع السوط ، ومزّق الكتاب ، وحقَّر المسلم ، وضرب منكري