بيعة الناس لعلي ، كتب إلى معاوية يهزِّه ويشير إليه بالمطالبة بدم عثمان ، وكان فيما يكتب به إليه : « ما كت صانعاً إذا قُشِرْتَ من كل شيء تملكه؟ فاصنَع ما أنت صانع » فبعث إليه معاوية فسار إليه ، فقال له معاوية : بايعني ، قال : « لا والله لا اُعطيك من ديني (١) حتى أنال من دنياك ». فقال : « سل » ، قال : « مصر طعمة » ، فأجابه إلى ذلك وكتب له به كتاباً ، فقال عمروبن العاص في ذلك :
معاوي لا اُعطيك ديني ولم أنل |
|
به منك دنياً فانظرن كيف تصنع |
فإن تعطني مصراً فأربح بصفقة |
|
أخذت بها شيخاً يضرّ وينفع (٢) |
قدم النعمان بن بشير بكتاب زوجة عثمان وقميصه المخضَّب بالدم ، إلى معاوية فلمّا قرأ معاوية الكتاب صعد المنبر وجمع الناس ، ونشر عليهم القميص ، وذكر ماصنعوا بعثمان ، فبكى الناس وشهقوا حتى كادت نفوسهم أن تزهق ، ثم دعاهم إلى الطلب بدمه ، فقام إليه أهل الشام ، فقالوا : هو ابنُ عمِّك وأنت وليّه ، ونحن الطالبون معك بدمه ... فبايعوه أميراً وبعث الرسل إلى كور الشام ، حتى بايعه الشاميون قاطبةً إلاّ من عصمه الله (٣).
وجّه عليّ عند مغادرته البصرة إلى الكوفة كتاباً إلى معاوية يدعوه إلى
__________________
١ ـ اظن انّ الرجل باع مالا يملك ولم يكن له أيّ دين في ذاك اليوم ، وقد نهى رسول الله عن بيع مالا يملكه الرجل. وقال : لاتبع ماليس عندك.
٢ ـ المسعودي : مروج الذهب ٣ / ٩٨. الطبري : التاريخ ٣ / ٥٦٠.
٣ ـ ابن الاثير : الكامل ٣ / ١٤١ ـ ذكر ابتداء وقعة صفّين.